سقوط غرناطة الرّمز الذي لم يدرك العرب دلالاته العميقة : محمّد صالح بن عمر 23 أغسطس,2015 قصر الحمراء بغرناطة – الأندلس ( 9 أوت/آب/أغسطس 2015 ) حين تطالع ما كتبه المؤرّخون العرب عن سقوط غرناطة، آخر مدينة أندلسيّة سنة1491 تجدهم يروون هذا الحدث بكثير من ألأسى والأسف والحسرة .والحقيقة أنّ تتبّع ما جرى في الأندلس منذ سقوط الخلافة الأمويّة سنة 1031 وما سبقه وتلاه من تكاثر الفتن والمؤامرات والاغتيالات في صفوف المسلمين بدافع قبليّ أوعِرقيّ ( عرب/ بربر ) أوشخصيّ( صراع على اعتلاء العرش داخل العائلة الحاكمة الواحدة ) وتحالف بعض أمرائهم مع الملوك الكاتوليك ضدّ خصومهم من أبناء عمومتهم وإخوتهم في دينهم يدرك أنّ زوال الحكم العربيّ في ذلك البلد الأوربيّ كان أمرا مقضيّا و لا محيد عنه .وهذا هو الشّعور الذي انتابني وأنا أدخل قصر الحمراء. لكن مع شعور آخر عكسيّ وهو الإعجاب بهندسة هذا القصر وحسن تصميمه والانبهار ببراعة النقّاشين والمزخرفين الذين جعلوا منه تحفة من أروع التّحف المعماريّة في العالم . ولك أن تقيس على هذا المثال ما نحسّ به اليوم في الوطن العربيّ .فالأمّة العربيّة تزخر بالعلماء والتّقنيّين والمتصرّفين في كلّ التخصّصات وبالمبدعين في جميع فروع الآداب والفنون. لكنّ الطّبقة السيّاسيّة، بوجه عامّ، غير واعية بالدّور التّاريخيّ الذي عليها أن تضطلع به .وهذا ماثل في تمزّق الجسد العربيّ مشرقا ومغربا والتّكالب على السّلطة واستفحال الانشقاقات ،فضلا عن الخيانات والمشاركة في المؤامرات التي يحوكها أعداء الأمّة.فما أشبه اللّيلة بالبارحة. فلا شكّ في أنّ غرناطة كانت مدينة مزدهرة اقتصاديّا وثقافيّا. لكنّ الفضل في ذلك لم يكن يرجع إلى سياسيّيها بل إلى كفاياتها العلميّة والفنّيّة والتّقنيّة .فعلى سبيل المثال أوّل حاكم لهذه الإمارة محمّد ابن الأحمر الخزرجي (1232 – 1273 )أمضى سنة 1246 اتّفاقيّة مُهِينة مع ملك قشتالة تقضى بتبعيّة غرناطة لمملكته ومحاربة باقي المسلمين معه وحضوره اجتماع البلاط إلى جانب نبلاء العرش ، مع دفع ضريبة سنويّة قدرها 500000 ألف قطعة ذهبية. وطبقا لهذا الاتفاق شارك جيش محمّد ابن الأحمر مع جيش فردينان في محاصرة مدينة إشبيلية إلى أن سقطت سنة 1248.وبقي أكثر خلفائه من بعده ملتزمين بنصّ هذه الاتّفاقية وآخرهم أبو عبد الله محمّد (1487 –1492) الذي سلّم مفتاح المدينة سنة 1492 إلى إيليزابات ملكة قشتالة و فردينان الثّاني ملك أراغون ،واضعا بذلك حدّا للحكم العربيّ في هذا البلد. ولكنّك لا تستطيع الانسياق وراء الإحساس بالشماتة تجاه هؤلاء الخونة لأنّ استيلاء الكاتوليك على غرناطة كان نكبة على أهلها من المسلمين واليهود .فقد حُوّلت كلّ المساجد إلى كنائس بإزالة الهلال من فوق الصّوامع وتعويضها بصلبان وخُيِّرَ سكّانها من غير المسيحيّين بين مغادرة الأندلس واعتناق الدّين المسيحيّ. ( يتبع ) قصر الحمراء بغرناطة – الأندلس ( 9 أوت/آب/أغسطس 2015 ) OLYMPUS DIGITAL CAMERA OLYMPUS DIGITAL CAMERA OLYMPUS DIGITAL CAMERA 2015-08-23 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet