الرّقصُ حُبّاً : قصّة قصيرة لأميمة إبراهيم – دمشق – سورية 4 أغسطس,2015 أميمة إبراهيم – دمشق – سورية اكتسحَتْ ليلي الأوهامُ ، وعربدَتْ فيه ، فاختلَّ نهاري . كان لابدَّ من حلمٍ يتمرّغ ببهائه في منازل الأحلام ، بعد أن تفتّتَ الحزنُ بين أصابعي ، وانسربَ مع خطواتي . وصارت ذاكرتي لوحَ وجود تطالبُني بأن أباشرَ أبجديتَها وأدعَها تنكتبُ قصائدَ أو موسيقا أو رقصَ فراشات. كنت أعرفُ أنّي إذا التقيتُ به وكان حنانُه عامراً سأنداحُ كقطرةِ ماء ، وإن كان همسُه موسيقا سأصيرُ مُدَرَّجاً موسيقياً ، ولو كان عطّاراً سأفوحُ في أبهاء روحِه و أتعتّقُ . ولو كان خمّاراً سأصير كأساً مُتْرَعَة !. لكنَّ الخوفَ أن يكون صيّاداً ، وقتها سأطيرُ لأنّي لا أحبُّ الصّيادين. وحقيقة كنت أرغبُ أن يكون في حياتي عازفٌ ماهرٌ كي أرقصَ له ، وأن يكون سريري غيمةً كي أهطلَ في عمره مطراً ، و أتنقّلَ في فضاءاتهِ ، و أتخزّنَ في عروقه. وهكذا أسرجْتُ حروفي مُهْرةً تسابق الزّمنَ إليك…وخلفَ ستارة الحلمِ وقفْتُ ، فاستفاقت ألحانُك الغافياتُ في موسيقا لمّا تعزفْها بعدُ. كنت تحتاجُني أن أرقصَ ، وأُعيدَ ترتيبَ حياتِك وَفقَ إيقاعاتِ الرّقصِ ، وكانت في روحي ألحانُ كمنجاتٍ تصلّي وأوتارٌ ترقصُ حافيةَ القدمين ، تحثُّ الخُطى على وقع نبضِها و إسرائِه إلى سماءِ البهجة ، كي تشدَّكَ إلى حقولِ الفرحِ . لذلك عقدتُ منديلَ الصّبواتِ على خَصْرٍ فاضَ بنشوة الرّوح ورقصت…رقصتّ ! . أما للرقصِ كلامٌ وأبجديةٌ وبوحٌ يعقبُه طيرانٌ ؟!. فأيَّ الرّقْصاتِ أُهْديكَ والأنغامُ أسكرَها الحنينُ ، والشّوقُ في الخلايا خفّاقاً يعربدُ ، ومن راعشِ الوترِ يتدفّقُ اللّحنُ ميّاساً بالهوى ، مترنّحاً على لازوردِ القلبِ يرتجي لحنَ أغنياتٍ موّاراً بالشّغفِ . هي ذي موسيقاك تنهمرُ فتهََبُني عالماً من النّشوةِ و السّموِ ، وقدرةً على التّحليقِ ، تجعلُني أتسوّقُ فرحاً من حوانيت الغيم . أبسُطُ ذراعيّ، أضبطُ أنفاسي ، أبدأُ الرّقص . وما إن يتوافقُ النغمُ مع حُدَاءِ روحِك حتّى أصبحَ خفيفةً كطائرٍ ، و أستسلمَ للانعتاقِ خارجَ حدودِ العالمِ ، وأرتقيَ بجسدي فيصيرَ أداةَ وصلٍ بينَ الأرضِ والسّماء. أدورُ ، أنحني، أرفعُ رأسي، يتطايرُ شعري، أنقرُ بقدمي فأسمعُ صوتَ ناقوسٍ يَضِجُّ في فضاءِ ريفٍ جميلٍ ، وأشعرُ أنّ جسدي ما عاد ملكاً لي . مع كلِّ خطوةٍ يخرجُ من إساره ، ويحطّمُ قيودَه ويرتقي إلى أمكنةٍ أشدَّ لهفةً ، ويعانقُ الأقمارَ في مجرّاتِ الكونِ ، ثمَّ يعودُ ويغتسلُ بالفرحِ ، يستعيدُ الحبَّ رشفاتٍ من رحيقٍ وكوثرٌ. كم صلّى جسدي وهو يرقصُ للحرّيةِ … للإله المتجسّدِ في الرّوحِ ، الذي يجعلُ بوّاباتِ الجمال تتوقّدُ بالشّهوةِ ، وتهطلُ أناشيدَ جنون !. الجنونُ يعلّمنا لغةَ الحياةِ ، وهمهماتِ الطّبيعةِ ، وهمساتِ الموجِ !. لذلك نتوقُ إليه ونحتاجُه. أرأيتَ رقصي في دنياك مع بوحِ الكمنجاتِ كيف حوّلني إلى مجنونةٍ ؟!. حتى إنّي صرتُ أغارُ من جسدي لأنّ عينيك تمسحان بحنوِّ النَّظرةِ ، وجمرِ الرّغبةِ تضاريسَه. لكنّي أيقنْتُ أنّي سأبقى أفتشُ دوماً عن مفرداتٍ ساحراتٍ ، يرقصن إذا ما عزفتَ ، ويشتعلنَ إذا بردتَ ، وإن كانَ… 2015-08-04 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet