مدرستي الابتدائيّة : محمّد صالح بن عمر 3 فبراير,2018 هذه هي القاعة التي قضّيت فيها سنتي الأولى من التّعليم الابتدائيّ .والسّيّد الواقف أمامي هو حارس المكان .وقد التقطت لي هذه الصّورة سنة 20112 من الأماكن التي أحسّ عند زيارتها اليوم بكثير من الحزن مدرستي الابتدائيّة الكائنة بقرطاج درمش التي حُوِّلت إلى معهد من معاهد التّعليم العالي.وهي في الأصل قصر للباي الوطنيّ المنصف(1881-1948) الذي كان يسمّيه الشّعب “سيدي المنصف” والذي خلعه المستعمر الفرنسيّ سنة 1943 ثمّ حبسه في واحة الأغوات بجنوب الجزائر قبل أن ينقله إلى مدينة بو بفرنسا حيث أقام إلى أن مات. كنت أحبّ ذلك البطل لأنّ صورته كانت معلّقة في غرفة النوم ببيتنا وكان والدي يتحدّث دائما بإعجاب عن بطولاته ووطنيّته. كانت مدرستي تحتوي على ستّ قاعات للتّدريس، كلّ منها مخصّصة لصفٍّ من الصّفوف.والقاعة التي ترونها في الصّورة هي التي قضّيت فيها سنتي الأولى .وقد كان لنا معلّمان : واحد للّغة الفرنسيّة لا نعرف إلاّ لقبه العائليّ – وهو السيد مْزاح والآخر للعربيّة ولا أحد ينطق بلقبه العائليّ وهو السّيد حسن. لقد كانا بشوشين ولطوفين لكنّهما كانت لكلّ منهما عصا زيتون يضرباننا بها على راحة اليد وأحيان على أطراف الأصابع ( وهي الطّريقة المسمّاة “بقلاوة” وهي اسم نوع من الحلويات التّونسيّة) حين نشوّش أو نخطئ في القراءة أو المحفوظات أو الإملاء .أمّا التّلامذة الوقحون فكانا يخرجانهم من قاعة الدّرس ويرسلانهم إلى مكتب المدير. كان المدير- واسمه محمود خالد- بدينا وقصير القامة. و لم ير مرّة وهو يبتسم.وكان يستعمل في العقاب الفلكة وهي عصا يشدّ في طرفيها حبل يلوى على قدمي الطّفل ثمّ يُضرب بعصا آخر غليظ على الرّاحتين .فكلّما دخل تلميذ مكتب المدير سُمع وهو يصرخ بأعلى صوته ثمّ يغادر المكتب زاحفا على ركبتيه .وكان آباؤنا وأمهاتنا يستحسنون ذلك العقاب ويحثّون المدير والمعلّمين على استعماله. وعلى الرّغم من ذلك فقد كنت أحبّ مدرستي كثيرا .وقد أحزنني تحويلها إلى معهد عال لأنّي أحسست فيه اعتداء على حقبة مهمّة من تاريخ هذه المؤسّسة تتماهى مع تاريخ جيل بأكمله 2018-02-03 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet