أنا حسّاسةٌ :فطيمة معاوية – شاعرة تونسيّة جزائريّة – تونس 24 سبتمبر,2016 فطيمة معاوية أنا حسّاسةٌ واللهِ لن أبصُقَ في الحَسَاءِ وعلى الغلالِ اليومَ ما دام عندنا الخبزُ والصِّحّةُ في أوراقِ الملفوفِ وليس في أيِّ مكانٍ وعلى خشبةِ …-أريتم ذلك ؟- السِّلْمِ المُستتبّةِ في كلِّ مكانٍ للتّظاهرِ بالزِّينةِ لقد استكْنَنْتُ في صَدَفتي حيث يطمئِنُني الظّلُّ المؤهَّلُ الذي أزْدَرِدُهُ في شكلِ أكيِسةٍ صغيرةٍ يطمئِنُني على الفوضى التي تتمتمُ دون أن تُسقطَ جُدُراني مهما كان الحالُ الإحصاءاتُ مبالَغٌ فيها هكذا إذن يقالُ بصوتٍ أعلى فأعلى إنّ الأوضاعَ خارجَ البيتِ ليست على أحسنِ ما يرامُ أُفٍّ ! ما أشدَّ تكاثرَهم على الأرضِ ! ماذا يحدثُ أيضا؟ عدد الإخوانِ يتناقصُ شيئا فشيئا ( وهو العكسُ تماما) والحديدُ يزدادُ أكثرَ فأكثرَ خارقٌ للمعتادِ ليس ثابتا أن نكونَ أحياءَ أن يكونَ لك حتّى نعلٌ لقد بلغ السّيلُ الزُّبَى لن يكون لنا خبزٌ؟ لن يكون لنا مأوى؟ لن يكون لنا موسيقى؟ يا لها من إحصاءاتٍ فجأة جاءني ليحرقَ الدّنيا هكذا إذن ؟ يا لها من قنبلةٍ ألم يتوقّفْ هذا الصّنيعُ ؟ وفي كلِّ السّهولِ ؟ يبرزُ بالخَلْعِ؟ الخطأُ تتحمّلُهُ الجِيناتُ تتحمّلُهُ النّساءُ المعتدى عليهنّ بالضّربِ أ ما زلن يُبَعْن في الطّرقاتِ ؟ قد قُطِّعنَ إلى قسمين باسمِ الإله؟ إنّه لمشهدٌ يبعثُ على الضّحكِ يبعثُ على الضّحكِ لم يتنبَّأْ به أحدٌ غيرُ ممكنٍٍ قابلٌ للانعكاس كُلّي حساسيةٌ كُلّي إحساس السّماءُ يتيمةٌ لم تُرضعْها أيُّ امرأة تعليق : محمّد صالح بن عمر: إنّ المناخ العامّ الذي تشفّ عنه هذه القصيدة انفعاليّ أساسا ، على الرّغم من أنّه ينبع من شاغل فكريّ عميق.وهو يتجسّد في حالة من الحيرة الممضّة (ليس ثابتا أن نكونَ أحياءَ/أن يكونَ لك حتّى نعلٌ/ لقد بلغ السّيلُ الزُّبَى/لن يكون لنا خبزٌ؟/ لن يكون لنا مأوى؟/ لن يكون لنا موسيقى؟ ) والشّعور الحادّ بالاغتراب تمازجهما خيبة أمل مريرة (ما دام عندنا الخبزُ والصِّحّةُ/في أوراقِ الملفوف/وليس في أيِّ مكانٍ – السّماءُ يتيمةٌ/لم تُرضعْها أيُّ امرأة )وإحساس بالاشمئزاز (واللهِ لن أبصُقَ/في الحَسَاءِ وعلى الغلالِ/ اليومَ).وهو ما انعكس، على نحو محسوس، في اللّغة المستعملة التي تواترت فيها على نحو لافت جمل الاستفهام (11) والتّعجّب( 14) .و لهذه الحالة النّفسيّة، في حقيقة الأمر،صلة وثيقة بالمآل السّيّئ الذي آلت إليه “الثّورة التّونسيّة” ، تلك التي علّقت عليها الشّاعرة آمالا عريضة، لكنّ نهايتها، سواء في تونس أو في غيرها من الأقطار العربيّة التي هبّ عليها ما سُمّي ” الرّبيع العربيّ” كانت خلافا للمأمول .وذلك أنّ صاحبة القصيدة بعد أن استقبلت سنة 2011 ذلك الحدث الذي بدا لها واعدا ،بسلسلة من القصائد الحماسيّة لم تلبث – ولم تمرّ عليه سوى بضعة أشهر- أن أخذت تصوّب سهامها الانتقاديّة اللاّذعة نحو الحكّام الجدد ،قبل أن تعود سريعا على أعقابها وتدخل ، على حدّ قولها، صدفتها (لقد استكْنَنْتُ في صَدَفتي/حيث يطمئِنُني الظّلُّ المؤهَّلُ/الذي أزْدَرِدُهُ في شكلِ أكيِسةٍ صغيرةٍ/يطمئِنُني على الفوضى/التي تتمتمُ/دون أن تُسقطَ جُدُراني ). على أنّها على الرّغم من خيبة الأمل الموجعةالتي أصابتها لم تفقد شيئا البتّة من سخريتها التي عُرفت بها و التي أضحت توظّفها في التّهكّم على الأوضاع الجديدة المضحكة المبكية (هكذا إذن/ يقالُ بصوتٍ أعلى فأعلى / إنّ الأوضاعَ خارجَ البيتِ/ليست على أحسنِ ما يرامُ/ أُفٍّ ! ما أشدَّ تكاثرَهم على الأرضِ/ ! ماذا يحدثُ أيضا؟/ عدد الإخوانِ يتناقصُ شيئا فشيئا/ وهو العكسُ تماما) وخاصّة منها أوضاع المرأة التي صارت محيّرة (الخطأُ تتحمّلُهُ الجِيناتُ/تتحمّلُهُ النّساءُ المعتدى عليهنّ بالضّربِ/أ ما زلن يُبَعْن في الطّرقاتِ ؟/قد قُطِّعنَ إلى قسمين/باسمِ الإله؟). إنّها قصيدة في رثاء الثّورة التّونسيّةمؤثّرة، جدّ مؤثّرة، تنضح تلقائيّة وصدقا في رثاء الثّورة التّونسيّة.وقد كتبت بالأسلوب المتفرّد الذي اختصّت به الشّاعرة والذي لا يجارى ولا يدانى. 2016-09-24 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet