آلامُ الماضي : شعر : كالي موندزير – جزيرة هايتي 17 سبتمبر,2016 كالي موندزير مِرْشَحٌ لآلامِ الماضي ولَهَبِهِ حجرٌ تحتَ مباني شَبَقِنا المُستهلَكِ تاريخٌ جِسْرٌ ممدودٌ بينَ الأبديّةِ وزمنِ الرّجالِ صراخُ الزّمنِ الذي يُوقظُ ظِلالنا في مَهْمَلات النِّسيانِ ولكنَّك يا تاريخُ تأتينا من بعيدٍ وصوتُكَ مختلِطٌ بافتراءاتِ الجبابرةِ من يئنُّ من جَرَّاءِ الانتماءِ إلى عِرْقٍ مُعيَّنِ إنّه عبقريّةُ الزّنجيِّ من سيقولُ : يا زنجيُّ جُمْعُ يدِ آبائِكَ أسقط بالضّربةِ القاضيةِ آراءَ السّماءِ المسبَّقةَ التي ستجترُّهَا باسمِكَ حشرجةُ دمهم المُهْدَى إلى الغربِ لكي يذيبَ الوعيُ قرونَهُمْ وترتفِعَ بفضلِهِ إلى السّماءِ جباهَهُمْ ii صخبُ الرّيحِ والأمواجِ التي لا تنفكُّ عن الهذيانِ باسمِ المجهولِ هذيانِ السّماءِ واللّيلِ شاربةً من فوضى الفصولِ سمعتُ حكايةَ الأبطالِ الدّمويّينَ للمستعمراتِ الهمجيّةِ والعبيدِ المتمرِّدينَ لكن… يا تاريخُ قد جئتَني من بعيدٍ وصوتُكَ قد اختلِطٌ بافتراءاتِ الجبابرةِ III بئرٌ ماؤُها من أمطارِ الزّمنِ صراخٌ يؤجِّجُ في قلوبِنا ألوانًا من الرّنينِ المغمورِ تاريخٌ يَسبِرُ خفايا ما بعدَ القبرِ استيقظْ يا تاريخُ أفصحْ عن مرادِكَ لهذه القلوبِ والأرواحِ المتعطِّشةِ للثّورةِ استيقظْ يا تاريخُ حدِّثْني عن نفسي حتّى أعرِفَ ذاتي اسمًا ودمَا لأنّ وعيي قد عُجِنَ في مناهلِ الأساطيرِ والأَسْطَرَةِ الزّنجيُّ يصرُخُ : كَفَى يا أيّتها الوجوه التي تنزُّ شُرورًا اِخْرَسُوا يا أيّها الثرثارون العتاةُ يا أيّتها الشّفاهُ الغادرَةُ يا هزيمةَ المستقبلِ يا علامةَ المكروهِ والإفلاسِ اِخْرَسُوا تعليق : محمّد صالح بن عمر يعود الشّاعر في هذه القصيدة إلى قضية السّود التي جعل منها قضيّته الأولى في مجمل أشعاره ، كما جعل من نفسه لسان حال لجميع بني جلدته ينافح عنهم ويتغنّى بخصالهم ومناقبهم ويستعرض معاناتهم الأليمة عبر التّاريخ، من جرّاء لون بشَرتهم.فيتناول في إطارها موضوعا فرعيّا هو من أشدّ الموضوعات المتّصلة بها حساسية وإثارة للحماسة .وهو تزوير العنصريّين الغربيّين لتاريخ الزنوج، متوجّها بالخطاب مباشرة طورا إلى هؤلاء وتارة إلى التّاريخ نفسه باستخدام التّشخيص ومتغنّيا في أثناء ذلك ببسالة أبناء جنسه وأَنَفَتهم ، تينك اللّتين جعلتهم من ناحية في ثورة دائمة على مستعبديهم ومن ناحية أخرى رافضين كلّ الرّفض لوضع الضّحيّة المثير للشفقة الذي اختزلهم فيه المناهضون الغربيّون للعنصريّة باسم ” القيم الإنسانيّة” .وهذه الصّورة المشرقة عمل المؤرّخون في العالم الذي يوصف ب” المتقدّم ” قدر جهدهم على طمسها وتزويرها، محلّين في محلّها صورة زائفة لا تطابق الحقيقة التّاريخيّة. وانطلاقا من هذه الفكرة الحورية بنى الشّاعر قصيدته على ثنائيّتين رئيستين: الزيف/الواقع والموجود/المنشود، موزّعا بذلك محتوى النّص اللّغويّ على شبكتين دلاليّتين كبريين تحوي كلّ منهما جانبا من الرّصيد المعجميّ المستعمل .أمّا أسلوبيّا ففي هذا النّصّ تأكيد للتّطوّر الفائق الذي حقّقه الشّاعر في قصائده الأخيرة والذي يلوح في لغته الفصيحة المهذّبة، الكثيفة الصّور ، العالية التّجريد. وختاما لا يمكن لجزيرة ” هايتي، في تقديرنا المتواضع، إلاّ الافتخار بإنجابها شاعرا في قيمة ولينكس موندزير نبوغًا وصحّةَ موهبة. 2016-09-17 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet