سيّدة التّعبِ …ليسَ لي ما أقولُ – زهور العربي – تونس 18 يناير,2021 زهور العربي ليسَ لي ما أقولُ تغمغمُ سيّدةٌ شاختْ قبل الخريفِ سيّدةٌ جفَّ على الأغصانِ مِشمشُها وطيّرتْ أحلامَها علّها تعشّشُ في جسدٍ حيٍّ مذْ تيبّست شجرةُ اللّوزِ واقفةً وصارتْ لقمةً لتنّورِ المُعدِمين سيّدةُ التّعبِ تلكَ تحملُ حزمةَ حطبٍ من ذاتِ الشّجرةِ على رأسِها المزمّلِ بالعناءِ وابنُها باكٍ يكادُ يستلُّ عروقَ صدرِها ليبلَّ ريقَهُ يمتلئُ جوفُهُ هواءً وكقطٍّ بريٍّ يخمشُ بأظافرهِ لحمها الأسمرَ تنشغلُ عنه الأمُّ تتناسى الألمَ وتضربُ الأرضَ الجحودَ بقدمينِ مشقّقتينِ تثبّتُ جيّدا حزمةَ الحطبِ فوقَ جُمجمتها لتخنُقَ الأفكار التّقدميّةَ الكذبةَ والشّعاراتِ الفضفاضةَ: –حريّةُ المرأةِ –المساوةُ –حقوقُ الطّفلِ –الطّعامُ لكلِّ فمٍ _الحقُّ في الحياةِ –العدالةُ الاجتماعيّةُ …الخ، الخ تشدُّ على الجرحِ وتصلبُ هامتُها لتضيفَ بعضَ الأعوادِ للحزمةِ وذلك أقصى ما يمكنَ أن تحلمَ بهِ عبثا تهدهدُ وليدَها ثم تمدَّ يدَها اليُمنى لتعصرَ حَلَمتَها تعضُّ على شفةِ الألمِ وتعصرُ تلك الجلدةَ الشّاحبةَ تعضّ لسانَها الأبيضَ وتعصرُها متضرّعةً إلى قلبِها صراخُ ابنِها يعطّلُ كلّ حواسِّها بكاء الجوع يهيّج أمومتها يقتلُ بقايا أنوثتِها تنتحبُ الملائكةُ في سماها تبتلعُ الأمُّ آلامها وتعصرُ بقسوةٍ ذلك الثّديَ الميّتَ تعصر الكبد لفلْذته يتدفّقُ الدّمَ دافئا يتلقّفَ الرّضيعُ السّائلَ الأحمرَ رشفةً، رشفةً تنشغلُ الأمُّ بحزمةِ الحطبِ تسوّي عيدانها اليابسة وتمنّي أوصالَها الباردةَ بموقدٍ سخيٍّ وقد أصيبتْ بعمى الألوانِ حينما استحالَ ضرعُها قلبًا 2021-01-18 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet