الفيروس البشريُّ 20 : هيلينا مارتيناز – شاعرة وكاتبة إسبانيّة كنديّة – مونريال – الكندا 3 أبريل,2020 هيلينا مارتيناز كلُّهم مجتمعونَ هنا بجانبِ سريري في هذا الموضعِ الذي يبعثُ على التّأملِ والتّفكيرِ وعلاجِ النّفسِ بما يخفّفُ من أسقامِها . إنّهمْ ممثّلو هيئاتٍ سياسيّةٍ وأعيانٌ وعلماءُ ومفكّرونَ هرعوا إليَّ من مختلفِ أنحاءِ المعمورةِ ومعهمْ حفّارُو قبورٍ من أولئك الذينَ ينتهزونَ كلَّ فرصةٍ لإبرامِ صفقاتٍ مهمٍّة. جاؤوا من كلِّ حدبٍ وصوبٍ مبتهلينَ إلى اللهِ أن أبقى على قيدِ الحياةِ رغمِ ما توالى عليَّ من قرونَ لا تُحصى تجرّعتُ فيها كؤوسَ سوءِ المعاملةِ ورأيتُ ما رأيتُ من موتِ الضّمائرِ والشّحِّ والأثرةِ والتّسيّبِ والقساوةِ بنوعيها :الفرديّةِ و الجماعيّةِ .في الحقيقةِ أقولٌ “جاؤوا ليبتهلوا” لأنَّ أيّامي المتبقيّةَ معدوداتٌ .فمرضي الآنَ عضالٌ ودرجةٌ حرارتي لا تنفكُّ عن الارتفاعِ، إذ أصبتُ بالفيروسِ البشريِّ رقم 20. ومع ذلكَ أعلنتُ بأعلى صوتي ألمي وضَجٍجْتُ غضبًا وارتعدتْ فرائصي من الخوفِ وبصقتُ سُحُبي الملوّثةَ بالقطرانِ لكنّكمْ كنتمْ دائمًا منشغلينَ بالظّهورِ في مظهرِ العظماءِ وبالعراكِ معَ إخوتِكمْ وبإبرامِ الصّفقاتِ وتغذيةِ نفوسِكمْ بحبِّ الأمجادِ وتخريبِ كلِّ شبرٍ كانَ في ما مضي زاهرًا من جسدي. سأموتُ ولن تجديَ مساعيكمُ الحاليةُ المكثّفةُ إلى إنقاذي نفعًا .ففي ما يبدو فاتَ أوانُ اللّجوءِ إلى نقلِ الدّمِ وآلاتِ التّنفّسِ الاصطناعيِّ وتبخّرَ الأملُ. لكمْ أحببتكُمْ جميعًا وسهرتُ على تغذيتِكمْ وحفظتُكمْ من كلِّ سوءٍ ،إذ ما أجملَكمْ وما ألطفَ روحَ الابتكارِ فيكمْ وما أصحَّ مواهبَكمْ أيّتُها الفيروساتُ العزيزةُ ، العزيزةُ جدَّا علىَّ. ومعَ ذلكَ وأنا أفكّرُ في استمرارِ سلالتِكمْ كمْ أودُّ إقناعَ نفسي بأنّها ستوجدُ في يومٍ من الأيّامْ ولتتقبّلوا عميقَ محبّتي أمّكمُ الأرضُ 2020-04-03 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet