حوارات مجلّة”مشارف” : 14 – مع الشّاعر السّينغاليّ حسّان ديانق 30 أكتوبر,2018 من هو حسّان ديانق؟ ولد حسّان ديانق (كما هو مسجّل في دفاتر الحالة المدنيّة) أو آزو ديانق – وهو اللّقب الذي يمضي به نصوصه – أو حسّان جنق وهو لقب له ثان في 2 مارس/ آذار 1990 بداكار ( السّينغال) .زاول دراسته الجامعيّة في الأدب الفرنسيّ بجامعة قستون برجي بسان لوي ببلده.أسّس مجموعة شعريّة على الفايسبوك عنوانها” قوافي النّهر” والموقع ايكسّي.كوم Ekessi.com المخصّص للشّعر.يتميّز شعره بثلاث سمات رئيسة :الأولى هي تجذّره من حيث الأغراض في البيئة المحليّة في نطاق خلفيّة ثقافيّة محدّدة : ” الإفريقيّة” باعتبارها هويّة عليا.والثّانية هي الانفتاح على العالم المتقّدم بالنّزوع إلى القيم الإنسانيّة السّامية لا سّيما العدالة والمساواة والثالثة – وهي جماليّة – هي استدعاء الصّور من المحيط الطبيعيّ الإفريقي. صدرت مجموعته الأولى – وهي بعنوان أمطار أولى – عن دار الهرماتون – السّينغال سنة 2013. السّؤال 1 : حين نتحدّث اليوم عن الشّعر في السّينغال أوّل سؤال يتبادر إلى أذهاننا هو : هل أنجب هذا البلد بعد الشّاعر الكبير ليوبولد سيدار سنقور شعراء في مثل قيمته أو على الأقل يعدون بأن يكونوا مثله في المستقبل؟ حسّان ديانق : عليّ أن أقول نعم إنّه بعد المعلّم سنغور قد أنجب السّينغال شعراء آخرين و إنّه سينجب شعراء غيرهم مادام قائم الذّات .وما أُرَاه مهمّا ليس أن يكون لنا شعراء جدد من طينة سنغور بل أن يكون لنا شعراء يَسِمُونَ هم أيضا الشّعر السّينغاليّ والإفريقيّ والعالميّ، تماما مثلما فعل سنغور ونظراؤه. السّؤال الثّاني :أنتم تكتبون قصائدكم باللّغة الفرنسيّة .وهي اللّغة الرّسميّة في بلادكم.هذه اللّغة تمكّنكم دون أدنى شكّ من إيصال صوتكم إلى كلّ أنحاء العالم.لكنْ ألا تحسّون في بلدكم حيث اللّغة الأكثر شيوعا هي “الوولف”بأنّكم معزولون عن شعبكم؟ حسّان ديانق : أبدا لا أحسّ بأنّي معزول عن شعبي أو حتّى مقطوع الصّلة به، ما دمت أستطيع في قصائدي ومناشطي الأدبيّة أقاسمه أحاسيسي: مخاوفي ورغباتي وسورات غضبي.ولمّا كان ذلك كذلك فالواضح أنّ شعري ليس موجّها إلى كلّ النّاس من جرّاء الحاجز اللّغويّ. لكنّ هذا لا يمنعني من تنويع منابر التّعبير التي أخاطب منها بالجمهور حتّى يصل صوتي إلى أكثر عدد ممكن من النّاس في بلدي. السؤال 3:يقول بعضهم إنّ الأدب الإفريقيّ باللّغة الفرنسيّة ليس سوى فرع من الأدب الفرنسيّ ما دامت تخترقة التّيّارات الأدبيّة نفسها التي تهبّ على الأدب الفرنسيّ.هل أنتم على هذا الرّأي؟ وإذا كان الأدب الإفريقيّ النّاطق بالفرنسيّة أدبا إفريقيّا حقّا ففيم تتجلّى إفريقيّته؟ حسّان ديانق : كلاّ، لستُ على هذا الرّأي البتّة.فالأدب الإفريقيّ باللّغة الفرنسيّة يستلهم أغراضه من حكاياتنا ومَخايِيلنا وتراثنا.ولنأخذ على سبيل المثال قصائد شاعرنا الكبير سنغور .فمن خلالها نستشفّ الأثر العميق لثقافة أهل السّيرير (وهم سّكان الشّمال الغربيّ الإفريقيّ ). وليس سنقور الوحيد في هذا المجال.فالروائيّون السّينغاليّون أمينتا سوفال ومامدو صمب وكذلك شخنابنقا قد عالجوا في أعمالهم الروائية موضوعات إفريقيّة بحتة. هذا في ما يتعلّق بالسّينغال فحسب إذ لم أتحدّث عن الأدباء الأفارقة الآخرين الذين أنشؤؤا أدبا إفريقيّا حقيقيّا.ثمّ ما قولنا في الأدب الشّفويّ حيث نجد أدبا إفريقيّا خالصا (الملاحم والحكايات والخرافات وغيرها. السّؤال 4 : تحاولون في قصائدكم استمداد موضوعاتكم من البيئة السّينغاليّة.أ ذلك لتأكيد هويّتكم أم لأنّ حساسيتكم واقعيّة؟ حسّان ديانق : أستمدّ موضوعاتي من البيئة السّينغاليّة لا حر صا على إثبات هويّتي بل لحساسيتي الواقعيّة .وذلك لأنّ الشّيء الجميل الوحيد الذي أستطيع إهداءه إلى العالم هو ،في تصوّري، أنا.ومن ناحية أخرى أنا مُشبَع بثقافتي الأصليّة ، ثقافة لغة البولpeul ( لغة يتكلّمها أكثر من ستّة ملايين نسمة في شمال غرب إفريقيا) ولكوني ولدت وترعرعت في السّينغال ، هذا البلد المستقرّ في أعماق قلبي وأعمق أعماق أحشائي. السّؤال 5 : تشغلكم في شعركم مشكلتان رئيستان : العدالة والحرّيّة.هل تعتقدون أنّ هاتين القيمتان سيكون لهما حظوظ لتُوجدا في إفريقيا؟ حسّان ديانق :ليس في إفريقيا وحدها.فهاتان القيمتان ينبغي أن توحّد في ظلّهما مسيرة العالم و إنّي لمتيّقن من أنّنا ببذل أكثر ما يمكن من الجهد سنتوصّل إلى تحويل هذا العالم وتحويل اقر يقيا إلى تربة صالحة لزرع المساواة والعدالة. السّؤال 6 :السّينغال هو من البلدان المسلمة النّادرة التي لم يجد فيها التّطرّف والإرهاب موطئ قدم .فما هي أسرار هذا الاعتدال الذي يغبطكم عليه الكثيرون؟ العادات؟ التّربية؟ الثّقافة المحلّيّة؟ حسّان ديانق :بل قد أقول” ثقافتنا”.وفكرة الثّقافة هذه تنطوي طبعا على عاداتنا وتربيتنا التي تجعل منّا نحن السّينغاليّين عشّاقا للسّلام وكذلك للحرّيّة، يضاف إلى ذلك التّسامح الذي ننمّيه كلّ يوم بيننا.وأعتقد أنّ هذا هو بمنزلة الاسمنت الذي يقوّي هذا الاستقرار سواء منه الدّينيّ أو السّياسيّ الذي تغبطنا عليه شعوب أخرى . على أنّه ينبغي ألاّ نعدّ هذا الواقع مكسبا نهائيّا بل ينبغي أن ننمّي السّلام والتّسامح أكثر ما يمكن وخاصّة أن نبقى حذرين إزاء النّزعات المتطرّفة. السّؤال السّابع ّ: تُلمَح في شعركم نزعة قويّة إلى الكونيّة .هل تعتقدون أنّ هذا التّيّار واقعيّ وأنّه يكون له نصيب من النّجاح إزاء هيّمنة الدّول العظمى وجشع الشّركات المتعدّدة الجنسيّات والعنصرية؟ حسّان ديانق : نعم ، أعتقد ذلك كلّ الاعتقاد. فبقدر ما أنا متشبّع بثقافتي أعدُّ الكونيّة أمرا بديهيا.وفي هذه النّاحية بالذّات آخذ بفلسفة سنغور القائمة على الجمع بين التّجذّر والانفتاح .وكل هذا يقوّي لديّ الفكرة القائلة بأنّ الكونيّة هي مستقبل العالم. فالإنسان لا يحارب المحبّة و الكونيّة تنطوي على المحبّة. السّؤال الثّامن : في فضائنا هذا حظيت بعض قصائدكم بالتّرجمة إلى العربيّة وأخرى بالنّقد.فما هو انطباعكم عن العمل الذي نقوم به هنا للنّهوض بالشّعر العالميّ؟ حسّان ديانق : انتمائيإلى المنتخب الشّعريّ العالميّ مدعاة للاعتزاز وفيه شرف لي خاصّة.وهذا يشجّعني على بذل الجهد لإنتاج آثار يمكن أن تكون مفيدة للعالم. وهذه أيضا فرصة لإسداء الشكر إلى العميد محمّد صالح بن عمر على العمل الذي ينجزه وعلى كلّ مايقوم به لفائدة الشّعر العالميّ. السّؤال التّاسع :هل جنيتم باعتباركم شاعرا شيئا مفيدا من الفايسبوك ؟ حسّان ديانق:قدّم لي الفايسبوك العميد محمّد صالح بن عمر الذي شكرته في جوابي السّابق وأعيد هنا شكره هنا معبّرا عن ابتهاجي بلقاء شخصيّة من هذا الطّراز. السّؤال العاشر :ما هي مشروعاتكم العاجلة والآجلة؟ حسّان ديانق :مشروعي العاجل هو مرافقة مجموعتي الشّعرية الثّانية بذور في عمليّة التّعريف بها وترويجها ثمّ الشّروع في مجموعتي الثّالثة الموسومة بلحظات مختلسة التي ستكون العنصر المكمّل لثلاثيّة بدأتها بمجموعتي الأولى أمطار أولى . 2018-10-30 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet