الصّوتُ و الصّدى : علي كرامتي – الياسمينة – قرطاج – تونس 19 ديسمبر,2017 علي كرامتي تسوّغتَ سيّارةً .. لتريحَ من الـمشيِ رجليْكَ قبلَ الـمسيرِ تسوّغتَ أغنيةً من سواكِ لتُخرسَ نفسَكَ قبل الغناءِ تسوّغت كفّا و عينا و ثوبا تسوّغتَ نارًا و نبعًا و قلبًا تسوّغتَ حتّى اللّغَهْ تسوّغتَ عقلاً يفكّرُ عنكَ فماذا تبـّـقى و لم تتسوّغْـهُ .؟ لا شيءَ إلاّ الحياةُ و تحيا و تبتاعُ خزيًا و عارًا و تبتاعُ دينًا و ربًّا فعِمْ ذلّةً و اصطبحْ بالـممـاتِ فكلُّ الّذي تشتهيه و لا تشتهيه لديكَ فغنِّ لهم أيّها البهلوانُ و صفّقْ فقد قدّروا – يا شقيُّ – عليكَ بأن تستحيلَ الـمهرّجْ و أن تصبحَ القردَ تلهو على سِرْكِـهِمْ و هُمُ الـمتفرّجْ فأين تروحُ و أنتَ الـمقيّدُ من ساعديْكَ و أنتَ الـمكبّلُ من قدميْكَ بحزمةِ مالٍ و ألفٍ من الأعينِ النّاظراتِ إليكَ لقد عقلوكَ لأنـَّهُـــمُ عقلوكَ * * * تـمرُّ بك الشّمسُ في كلِّ يومِ و لستَ تراها و تهفو إليها و تصبو و لستَ تراها و لو من وراءِ الجدارِ و يأتي عليكَ الشّتاءُ و تبقى كأرملةٍ تنوحُ على بعلِها الـمتوفَّى على حافّةِ الصّيفِ منذُ سنينَ * * * تهيّأْ لأمسِكَ فهو سيأتي غدًا فعمرُكَ يـجـتـــرُّ أيّامهُ وآتيك أمسِ مكرّرٌ سماؤكَ مثقلةٌ بقديمِ التّعاليمِ منذُ ثمودَ و عادٍ وغرفةُ نومكَ متعبةٌ من شظايا النّهودِ وخانقةٌ بدخانِ التّغرّبِ و الانـبتاتِ و ساعتُكَ الحائطيّةُ قد شُلَّ فيها الزّمانُ تطلُّ على سورِ بيتِكَ .. نافورةٌ تغزلُ الـمـاءَ خيطًا فـخيطًا تلوكُ الخريرَ و تحترفُ الدّمعَ منذُ ألوفِ السّنينَ و في جبّةِ الصّيفِ .. تغرقُ صفصافةٌ في خضمِّ السّباتِ و تصحو على وقعِ خطوِ الخريفِ فتذرفُ أوراقَها الـمتعباتِ فتصفعُها الرّيحُ حينًا و حينًا تلثّمُ وجهَ السّماءِ ببرقعِ غيمٍ و أنتَ و راءَ الجدارِ إلى الشّمسِ تـهفو و ما لكَ من عمرِكَ الـمُرِّ إلاّ الأماني فحتّى متى يشربونَ دموعَ السّحابِ و لا يتبقّى لنا غيرُ دمعِ العيونِ و سربُ السّرابِ * * * أحاولُ أن أستعيدَ نظامَ خطايَ و قد تاه منّي الطّريقُ و أمشي و خلفيَ ظلّي أحاولً ألاّ أكرّرَ نفسي و ألاّ أكونَ سوى « أنا » .. في زمنٍ تتشابهُ فيه الوجوهُ كما يتشابهُ سربُ طيورٍ يحطُّ على سلكِ أعمدةِ الكهرباءِ أقودُ انقلابًا عليَّ يحرّرُني من سوايَ و يزرعُني في منابتِ ذاتي كما تُزرعُ الرّوحُ في تربةِ البدنِ * * * لقد أسِنَّ الوقتُ بينَ يديكَ فأَفرغْ جِرَارَ زمانِكَ من محتواها و ألقِ إلى النّارِ ساعتَكَ اليدويّهْ و أتلفْ مُدامَ الزّمانِ فقد صدئَ الـمـاءُ حتّى تلفّعَ بالاسودادِ و صارتْ خوابي الـمياهِ جليدًا و صارتْ جميعُ الثّواني حجرْ فأينَ تفرُّ و دربُكَ ثلجٌ و صخرٌ و عمرُكَ صُلْبٌ و في القلبِ قيْدٌ ألا تستحي من فراركَ منّي إليهمْ !؟ و كيف تُشِيحُ بقلبِكَ عنّي كَـمُنْبَهِرٍ بالضّياءِ و تغمضُ جفنَ الهوى بيننا كَمَنْ دُسَّ في ناظريهِ رصاصٌ من مطرٍ لا يكفُّ أ تهربُ منّي و أنتَ أنا.. و تلوذُ بهم أيّها الـمستجيرُ بغيرِكَ منكَ . يجيءُ زمانٌ وتصبحُ أنتَ سواكَ فماذا تقولُ لأمّكِ إن ساءلتكَ و طفلُكَ ماذا تقولُ لهُ .. عندما تتعرّى أمامَ الـمرايا * * * تـمرُّ عليكَ السّنونَ و أنتَ كما أنتَ لم تـتغيّرْ فهذي فصولٌ تروحُ و هذي فصولٌ تعودُ و تبقى بلا ورقٍ و بلا ثـمراتٍ و يُـرْبكُكَ الوقتُ … يُلْقي عليكَ دوارَ الجهاتِ فأيُّ الـمُناخاتِ أرحبُ للحلمِ حتّى يـمرَّ و أيُّ الـمـسافاتِ أقصرُ كي يصلَ الحلمُ سمتَ الـمدينهْ أ تعلو على صهوةِ الشّرقِ أم صهوةُ الغربِ أعلى … دوارُ الجهاتِ يُصيبُكَ بالغثيانِ… و لكنْ عليكَ اختيارُ الطّريقِ قُبيْلَ هبوطِ الـمساءِ فأيُّ الـمدائنِ تختارُ شرقيَّها أم جنوبيَّها !؟ و أيُّ العواصمِ تغريكَ أكثرَ غربيُّها أم شماليُّها !؟ * * * تسيرُ و يغدو الرّحيلُ لخطوكَ ظلاًّ فتوهمُ خطوكَ أن تستريحَ على صهوةِ الدّربِ حينَ تسيرُ و سوفَ تظلُّ تسيرُ و يشطرُكَ السّيرُ ما بينَ مفترقاتِ الحضارهْ و ما من ختامٍ لهذا الـمسيرِ و ما من شعاعٍ لضوءِ الـمناره 2017-12-19 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet