رحلتي إلى إيطاليا 2017(1) :ما قدّمه غاليلو للعلمِ : مفخرةٌ للبشريّةِ جمعاءَ: محمّد صالح بن عمر 28 أغسطس,2017 حذو تمثال غاليلو في متحفه بفلورانس البركار الذي كان يستعمله غاليلو في عمليّاته الهندسيّة والحسابيّة المنظار الفلكي الذي اخترعه غاليلو واكتشف به أن مجرّة ّدرب ّمن نجوم كان العالم الإيطاليّ غاليلو ( Galilée) المولود بمدينة بيزا (Pisa ) سنة 1564 والمتوفّى ببلدة أرسنتري (Arcentri )القريبة من فلورانس (Florence )سنة 1642 ، ذلك الذي لا يعرفُ معظمُ النّاس منه إلاّ العبارة الشّهيرة ” ومع ذلك فهي تدورُ” التي من المرجّح أنه لم يتلفظّ بها قطّ ، كان دون أدنى شكّ، من العلماء العباقرة الاستثنائيّين الذين أنجبتهم البشريّة ومن أكثرهم تفرّدا . خُصِّصَ المبنى السّفليُّ من المُتْحَف البديع الذي أُطْلِق اسمه عليه ،المنتصبِ على ضفّة نهر الأرنو (Arno)بمدينة فلورانس لعرض أهمّ الأدوات التي اخترعها. وهي خاصّة بركارٌ في منتهى الإتقان كان يستخدمه في القيام بمختلف العمليّات الهندسيّة والحسابيّة الفائقة الدّقّة ومنظارُهُ الفلكيُّ الذي صنعه سنة 1609 والذي يمكِّن من تكبير صور الأشياء ثلاثين مرّة وبفضله اكتشف أنّ مجرّة درب التّبّانة التي ينتمي إليها نظامنا الشّمسيّ تتكوّن من نجوم وأنّ سطح القمر غيرُ مسطّح بل فيه تضاريس وفوهاتُ براكين وأنّ كوكب المشتري تدور حوله أربعة أقمار. وهو ما جعله يقرّ بصحّة النّظريّة القائلة بمركزيّة الشّمس ، تلك التي وضعها الفلكيّ اليوناني آرستاك دي صاموس في القرن الثّالث قبل الميلاد وتبنّاها الفلكيّ البولوني كوبرنيك ( 1473 -1543 ) . لكنّ بعض زملاء غاليلو ممّن كانوا يحسدونه على تألّقه في مجال تخصّصه قد استغلّوا ، مع الأسف، هذا الموقف لألّبوا عليه رجال الدّين الذين كانوا في ذلك الوقت يعتقدون أنّ الأرض ثابتة في مكانها لأنّها مركز الكون وأنّ الشّمس تدور حولها. ولوعي غاليلو بأنّه ضحيّة مؤامرة كان يعرف جيّدا الذين حاكوا خيوطها قَبِلَ على الفور ودون تردّد هذا الحكم الذي أصدرته ضدّه محكمة التّفتيش : “ظهر بمدينة فلورانس كتابٌ عنوانه حوارٌ بين نظاميْ بلوتيمي وكوبرنيك دافعتَ فيه عن وجهة نظر كوبرنيك .وبمقتضى هذا الحكم نصرّح بأنّك ،أنت غاليلو ،قد جعلت نفسك في محلّ شبهة وهي الانتماء إلى أهل الزّيغ والبِدَع ، لأنّك أخذت بهذه النّظريّة الخاطئة القائلة بدوران الأرض وثبات الشّمس. وتبعا لذلك ،عليك أن تُنْكِر وتلعن بقلب صادق في حضرتنا هذه الأخطاء والبدع المخالفة لتعاليم الكنيسة .وحتّى لا يبقى خطؤك دون عقاب نأمر بمنع هذا الكتاب الذي سمّيته “حوارا”وبحبسك في سجون محكمة التّفتيش “. وأحيلت الكلمة على إثر ذلك إلى غاليلو .فقرأ نصّ الإنكار الذي أحضرته له محكمة التّفتيش وهو التّالي : “أنا غاليلو ابن المرحوم فانسانزو قاليلي من مدينة فلورانس ، البالغ من العمر سبعين عاما، المحال هنا لأحاكم ، الجاثي على ركبتيَّ أمام كاردينالات التّفتيش العامّين الأفاضل الأجلاّء الذين يقاومون كلّ البِدَع المضادّة للدّين المسيحيّ ، أنا إذ أضع نصب ناظريَّ الأناجيل المقدّسة وألمسها بيدي، أقسم بأنّي صدّقتُ دائما في الماضي وسأصدّق دائما في المستقبل بعون الله تعالى كلّ ما تؤكّد صحّته الكنيسة المقدّسة والبّابّويّة وما تقدمّه للنّاس وتعلّمهم إيّاه . على أنّي لمّا أصدرتْ محكمة التّفتيش ضدّي إنذارا قضائيّا يقضي بتخلّيَّ كلّيّا عن الاعتقاد الخاطئ أنّ الشّمس هي مركز الكون وثابتة في مكانها وأنّ الأرض ليست مركز الكون وغير ثابتة في موضعها وبألاّ أدافع مستقبلا عن هذه النّظريّة الخاطئة أو أدرّسها بأي وجه من الوجوه ،شفويّا أو كتابيّا وبعد أن نبّهتني المحكمة إلى أنّ هذه النّظريّة ليست مطابقة للنّصوص المقدّسة بعد أن كنت قد ألّفتُ ونشرتٌ كتابا تناولت فيه هذه النّظريّة المُدانة وعرضتها فيه مدعومة بحجج ملحّة دون أن أدحضها بأيّ وجه من الوجوه وبمقتضى ذلك كان الاشتباه قويّا في اعتباري من أهل الزّيع و البدع وبعد أن اعتقدتُ ودرّستُ أن الشّمس هي مركز الكون وثابتةٌ في مكانها وأنّ الأرض ليست مركز الكون وليست ثابتة بل هي تتحرّك ، أنكرُ وألعنُ بقلب صادق وبإيمان لا مراوغة فيه هذه الأخطاءَ”. لقد عدّ بعضُهم هذا الموقف علامة ضعف ولاموا غاليلو عليه.لكنّه كان في الحقيقة رجلا بعيد النّظر و ثاقب الفكر يعرف حقّ المعرفة أنّ أعداءه الحقيقيّين ليسوا رجال الدّين – فأولئك كانوا هم أنفسهم ضحايا من جرّاء جهلهم – وإنّما هم بعض الحاقدين الجبناء من زملائه الذين أعمى الحسد بصيرتهم وكان همُّهم القضاء على شخصه قضاء مبرما . ولعلّ الشّيء الوحيد الذي حزّ في نفسه و أغمّه في هذه القضيّة وعجّل بوفاته قرار الكنيسة وضعه في الإقامة الجبريّة وإبعاده بذلك عن طلبته . بعد ثلاثة قرون من تلك المحاكمة اعترف البابا جان بول الثّاني بخطإ الكنيسة وأعرب عن تقديره لغاليلو . 2017-08-28 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet