أنا العيدُ : شعر : محمّد بن رجب – تونس 20 يونيو,2017 يجسّد محمّد بن رجب في الشّعر التّونسيّ مثالا نادرا لشاعر يحتفي بزوجته بعد وفاتها.فقد اعتصرت ذاكرتي لأستحضر شاعرا تونسيّا واحدا رثى زوجته أو حتّى تغزّل بها بعد زواجه منها فلم أتذكّر أيّ اسم لا في الماضي ولا في الحاضر.بل كلّ الشّعراء التّونسيّين الذين كتبوا في الغزل قد تغزّلوا بنساء غير زوجاتهم منهم شاعرنا الكبير أبو القاسم الشّابّي الذي تغزّل في رائعته ” صلواتٌ في هيكل الحبّ” بسائحة إنجليزيّة .أما الذين أساؤوا معاملة زوجاتهم فكثيرون لكنّي أتحفّظ عن ذكر أسمائهم لعدم المساس بصورتهم عند الرّأي العامّ وبعضهم من أصدقائي. على أنّي أذكر مثالا واحدا لطرافته كان قد رواه لي صاحبه .وهو الشّاعر الكبير الصّادق مازيغ مترجم القرآن الكريم رحمه الله . فحين عيّن لأوّل مرّة للتّدريس – وكان ذلك بالمعهد الصّادقيّ بالعاصمة – تزوّج بامرأة من العاصمة ثمّ نقل إلى المعهد الثّانويّ بصفاقس فطلّقها وتزوّج صفاقسيّة ثمّ نقل إلى المعهد الثّانويّ بسوسة فطلّق الّصفاقسيّة وتزوّج امرأة من سوسة ثمّ حين أحيل على التّقاعد طلّقها وعاد إلى العاصمة وطال به العمر فعاش بعدها تسعة عشر عاما وحيدا .وتنكّر له أبناؤه وبناته لإساءته معاملة أمّهاتهم . فهنيئا لروح الرّاحلة نورة على هذا الوفاء الذي حباها به محمّد بن رجب والذي لم يسبق له مثيل في أدبنا الّتونسيّ . ولِمَ لا يفكّر محمّد بن رجب في جمع هذه القصائد في ديوان ؟ محمّد بن رجب وزوجته الرّاحلة المرحومة نورة قال لي العيدُ.. لا أقدرُ عليكَ…فحزنُكَ كبيرٌ والقلبُ منكَ فريدٌ… أرضُكَ صامتةٌ وهمُّها كثيرٌ تحبلُ كلَّ يومٍ ..بعمرٍ جديدٍ ولا جديدٍ… ما للأفقِ منكَ منحسرٌ ؟! وللشّمسِ لا تطلعُ لكَ بل تغيبُ ..؟ هلاَّ أزحتَ ستارَ دنياكَ واستمعتَ إلى أغاني الحياةِ وطويتَ فيكَ ماردَكَ المنكسرَ وأضعتَهُ في الفلاةِ…… وأنرتَ أغوارَ ذكراكَ ..حديقةَ ياقوتٍ فالصّدرُ مختنقٌ لا يفصحُ والبهاءُ يقتّرُ عليكَ ذاكَ الألقَ والمرورَ إلى سماكَ عسيرٌ…. اخرُجْ من قبرِكَ لاقتبالِ العيدِ فشرنقتُكَ انفلقتْ ..تفتّقتْ ..صرختْ واختلجتْ ليومٍ سعيدٍ وانطلقتْ….شقّتْ عُبابَ الرّيحِ بدّدتْ بالياسمينِ خجلَها العنيدَ تبحثُ عنكَ في تلافيفِ الحزنِ راغبةً فيكَ أيّها العيدُ فاخرُجْ..للفرحِ.. استقبلْهُ هانئًا..أو ساخطًا استقبلْهُ إذنْ … وابتسمْ..للشّفقِ واعقدْ معهُ من جديدٍ إشراقةً أخرى طافحةً بالجمالِ ..والرّغبةِ ..والفرحِ اخرُجْ من ظلمائِكَ لا تتعبِ الشّوقِ وخذْ لكَ النّفَسَ العميقَ واترُكْهُ حالمًا يتدفّقُ وردًا و حياةً .. قلتُ أهلاً أيّها العيدُ لا تهتمَّ لعُمُري القديمِ فما مضى قد مضى… والعمرُ طليقٌ ..قادمٌ على عجلٍ لا….لا …لا تبتئسْ ….إذنْ لستُ صريعَ الحبِّ ..والموتِ ولا تقلُ قدْ جُنَّ… أنت تحتفي بي ….أيّها العيدُ والعيدُ أنا …. …أنا العيدُ أحتفي بكَ يا صرختي الآتيةَ لعمري الجديدِ.. فأنتَ يا قدري عيدٌ و العيد أنا….. أنا العيدُ… 2017-06-20 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet