الفنّانة التّشكيليّة التّونسيّة يسر محمود شاشية تنجز تظاهرة فنّية متعدّدة المشارب محورها التّراث و المكان بمدينة بني خلاّد : عرض : شمس الدين العوني – تونس 19 مايو,2017 شمس الدين العوني يسر محمود شاشية للأمكنة عطورها الباذخة و ذاكرتها المثلى .لذلك فللمكان مكانة ..و للكائن أن يفتح كلمات الوصل و طقوسه مع المكان باعتباره حاضن حياة و ألوان و ينابيع..و الفنان هذا المسافر في الخيال و التخييل بوسعه المثول أمام الحلم نحتا للذات و تثمينا للعلو. و من هنا كانت الفكرة..مدينة بني خلاد مجال شاسع للقول بالتذكر و الحلم و الخيال .و هي من حيث هي مكان تمنح الناس شيئا من حالات الوجد و النشيد المبثوث في التواريخ و الذاكرة من ألق و تجليات في المظهر و السلوك و القيم و العلاقات و في النهاية موروث ثري لمن يقتحم عوالمه..فعلا كانت المبادرة و كان الاقتحام الجريء من قبل فنانة تشكيلية حالمة هي يسر محمود شاشية التي قضت عدة سنوات و هي تحلم بعناق ثقافي فني إبداعي يتصل بالمكان ..بني خلاد مسقط الرأس و حاضن الطفولة و حكايات الجدة..و في المكان حكايات جمة..لذلك كان لا بد من زيارة الحفل و النيارة..نيارة ..نعم مشروع تحقق وهة الآن في جولته الثانية..تقول يسر عن نيارة “…مشروع تظاهرة “نيارة” أنجزناه تحت راية جمعية صيانة مدينة بني خلاد .و هي جمعية تهتم بالتراث المحلي و تعمل على إحيائه و صيانة الموروث المعماري و الثقافي المتنوع و لمّا كان التراث مثله كمثل (جبل الجليد ) بعضه ظاهر يطفو علي السطح وجله كامن (كالايسبارق ) و لمّا كانت ذات الفنان الأصيل ذات مبدعة سواء كان تشكيليا أو أدبيا أو موسيقياً فعليها أن تحرص على ما هو (كامن) وألا تكتفي بظاهر الأمور وقشورها. لذلك يتعين علي الفنان أن يغوص حتي يصل إلى مكامن الموروث الأصيل من التراث و يستجلي مقوماته ويقف على أسسه وتقنياته وقيمه.. بادرت بتنظيم يوم للاستكشافات الفوتوغرافية تقوم على أساس محاولة تدوين المقومات التراثية والتاريخية للمدينة وتفعيلها و اتجه تفكيري إلى توظيف تخصّصي في ميدان الفنون التشكيلية باعتماد شتي التعابير الفرجوية لكونها أداة فعالة في تدوين التراث المحلي وإثارة الانتباه إليه ولصياغة هذه الفكرة استفدت من تجارب لي سابقة في جمعية تانيت للفنون بسوسة التي كنت عضوا مؤسسا لها ومن ناحية أخرى جاء بمنزلة ردة فعل استشرافية ولدتها معاينة ميدانية لواقع بلدتنا، إذ لاحظت أنها بصدد فقدان الكثير من خصوصياتها التراثية.. ثلة من الفنانين التشكيليين ..قد أرفقت بنصوص إنشائية لأعمالهم منها “من نار و من تراب” للفنان بشير قرشان و “ملكوت” للفنان خالد عبد ربه و “البية الولادة تتجلى” لفاتن بكار..وقد افتتحت التظاهرة بعمل “ماقريت شيء”. وهو من ناحية عبارة عن إثارة مباشرة لأصل الخرجة الشبابية التي كانت و بقيت مدة طويلة تقام في بني خلاد لفك بعض من رموزها وإيحاءاتها التي في جلها تستنهض الهمم و تدعو إلى الفعل و التعاون البنّاء و الانفتاح على الآخر لتجعل من العمل ضربا من عبادة إذ ترددت على المسامع كلمات تشحن الهمم على الفعل والإنجاز «ونتوما آش عملتو» إلى ” يرقد يموت وما يصليوش عليه” او قصة تعاون الإخوة علي درء المخاطر المحدقة بالعائلة قرب الغابة . إما العمل الثاني وهو بعنوان “من نار ومن تراب ” فهو عبارة عن إثارة للذاكرة الدينية ف”تسبيحات” بشير قرشان أثارت الفضول و الدهشة و ردود افعل إيجابية وسلبية .أما في ما يخص “حركة الهابنينق” التي أخذت عنوان الدخلة فهذا العمل قد تفاعل إنجازه مع الظروف الآنية وقد سمي بهذه التسمية لاعتبارات متعددة منها أنها تحمل رمزية فتح الفضاء بالطرق على الأبواب من جهة ولما تحمله هذه التسمية من تحديد جغرافي للمنطقة و ما تتصف به البلدة حسب ما توارثته الذاكرة الجماعية من كونها “تاج الدخلة بني خلاد” أو بما توفره من إيحاء و إحياء للذاكرة الشعبية لعادة زيارة العروس لأولياء منطقتها.. فبعد ان فتح الفضاء على مصراعيه نودي للزوار بالإنشاد (وينكم يا زوار). أما في ما يخص عمل خالد عبد ربه فقد ارتكز على الحركة الخطية و اللولبية لكلمة “هو”. فرحل بنا عبر ما شاهدناه من طواف و من حركات خطية لولبية تصاعدية تبدأ من وسط القماشة لتمتد إلى خارجها وبالابتعاد شيء فشيئا عن مصدر النار . إن ما شاهدناه بأعيننا و اشتممناه من روائح و ما استمعنا له من إيقاعات رحل بنا إلى صور صوفية تستلهم من التراث الديني رموزها ودلالاتها. فكان اقتراح فاتن بكار هو اقتراح ملابس وحلي تتكلم عن التراث و تحمل صورة المرأة ماضيا و حاضرا في وجودها ووجدانها و لم يفت التظاهرة أن تستدعي الموروث الغذائي المعتاد لشهر رمضان ، إذ كانت الدخلة مرفقة “بالزيارة” و هي ماثلة في آنيتين من النحاس المقصدر لما تحتويه الكلمة من طهر وقد احتوت إحداها على مرطبات الزلابية و الثانية اكلة المسفوف..” و تضيف صاحبة العمل في شأن هذا التوجه في العلاقة بين التراث و الفن “…إن العلاقة بين التراث و الفن التشكيلي هي علاقة عضوية و مصدر إلهام للمبدعين المجددين..و توظيف التراث فنيا يتطلب البحث و التنقيب و الإدراك،.لذلك حاولت قدر الإمكان تذهين التظاهرة و التدقيق في تفاصيلها بدءا من وضع المسلك انطلاقا من “كيب العسة” إلي دخول ” بوطبيلة ” معلناعن نهايتها. وقد رتبت التظاهرات حسب مسلكين مقتضبين و بإمكانات محلّية بحتة اشترطت فيها على نفسي وعلي الفنانين أن تخضع مداخلاتهم لمعاينة للواقع المعيشي الخلادي ..و تميزت تظاهرة نيارة من حيث المنهج و المضمون و اللمسة الفنية بانخراطها في تقنيات الفن المعاصر,كفن البيرفورمانس و الهابنيق و باستلهامها معطيات تراثية محلية و محاولتها الجادة في تحريك الفضاء الثقافي و بشحذها الهمم و استفزازها للفكر عن طريق محاورة الرموز والإيحاءات التي تزخر بها الآثار الفنية وقراءتها بمستويات متعددة و بإحداث نوع من المصالحة مع مَعْلَم معماري تراثي للبلدة و برسم صورة لامعة لمناشطالجمعية و باستقطاب الكثير من الطاقات الشبابية وانفتاحها على المناشط الفنية…” .أمّا لنيارة 2 فتقول صاحبة العمل الفنانة التشكيلية و الجامعية يسرمحمود شاشية في شأنها “….هي تجليات فنية ضمن عنوان ” تخييلة ” ..و على عبارة برناردشو ( أنت ترى الأشياء و تتقول لماذا بينما أنا أحلم بالأشياء التي لم توجد و أقول لِمَ لا..) و على قول ستيف جوبس ( الإبداعية تعني تحديدا الربط ما بين الأشياء ) ..التظاهرة بمنزلة التجليات و التخييلة و الخيال و الخيالي و الممكنات الجمالية و الفنية. لذلك فالفروسية استذكار للراحل محرز بن ميلاد من حيث العلاقة يبن الحصان و الفارس و بين الفارس المعلّم و الابن .فالمكان المستعاد ساحة قصر دار سعيد الرحبة و الميدان و استرجاع بريق المكان المضمحل منذ 40سنة و تذكر ألعاب عم سالم بريمة في الساحة نفسها. سيقدم هذا العمل يوم 10جوان/حزيران القادم ضمن مشروعات و برامج ساحات الفنون .و هنا تبرز مدينة بني خلاد بجمال ساحتها و ينتظر حضور وزير الثقافة..تخييلتنا هي تجليات ضمن المقروئية التشكيلية للتراث بحرية وفق قيم و أبعاد رمزية…”..تجليات بمنزلة المنجز التشكيلي المتعدد الممارسات الفنية و الثقافية و الإبداعية صادر عن تصور و رؤية و إنجاز للفنانة التشكيلية يسر محمود شاشية مع تنسيق و إعداد إبداعي للفنان المسرحي و الكاتب المميز حافظ الجديدي و قد وظفت في هذا العمل فيه عدة فنون و تعبيرات و ممارسات فنية وتخصصات إبداعية منها الموسيقى الصوفية و الفروسية و التعبير الكوريغرافي و الرقص و و الغناء الأوبرالي و عرض الفيديو و المسرح …و غيرها. لذلك تطلب حشدا كبيرا من الطاقات و الكفايات و أصحاب الإبداعات و خاصة الشبان منهم .وهو ما عزز الحراك الثقافي في بني خلاد المدينة و التاريخ و الراهن الطموح إلى الإبداع و العطاء. 2017-05-19 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet