بطاقاتُ تعزيةٍ باسمِ البَحرِ : شعر : مرح مجارسة – اللاّذقيّة – سورية 12 مايو,2017 مرح مجارسة لأنَّ ثديَ أُمِّي الأوّلَ في المُعتقلِ وثديَها الثّاني كصناديقِ البحرِ بثلاثةِ أقفالٍ كانَ عليَّ أن أُقبِّلَ الرِّجالَ السّيئينَ وأقضمَ أجسادَهُم السّاخنةَ كرغيفٍ أقرأُ ما كتبَهُ مُخترعو الأسلحةِ وأبحَثُ عن العدالةِ بين نابَيْ زجاجةِ بيرةٍ وعلى الأرجحِ أنّني كنتُ تلكَ التي رقصَتْ التّانغو وحيدةً في قاعِ كأسٍ ولم يكُنْ عليَّ أن أدقَّ عينيكَ الزيتونتينِ لأستخلصَ زيتَ الدّمعِ.. كانَ منَ الأفضلِ أنْ أمسَحَ حذائيَ على عتبتِكَ قبلَ أن أزورَكَ كموتٍ مُهذَّبٍ وأنتَ ترتدي قميصاً من القنابلِ وأن أعبُرَ كتِفَكَ كنهرٍ أحمرَ وأغرقَ فيه كزورقٍ مثقوبٍ. . . . هذا المساءُ برميلُ عتْمٍ ووطنٌ يهتزُّ كنهدَيْ غزالةٍ هاربةٍ أمُّ تحيكُ صوفَ التّرابِ لولدِها الشّهيدِ أبٌ راعي بقرٍ يغتصِبُ لُفافاتِ التّبغِ يقرَعُ الكأسَ بالصَّمتِ: ]خُذْ عكّازَ ذاكرتي العجوزِ ، واعطِني قشّةَ الغرقى الأخيرةَ لأكتبَ بطاقاتِ تعزيةٍ باسمِ البحرِ وأسيرَ كغريبٍ يبحثُ عن عناوينِهم تحتَ الماءِ هذا المساءَ إذاعةٌ تمارِسُ عادتَها السِّرِّيّةَ: “أمَّ كلثومٍ”!! وتلفازٌٌ يلفُّ الأخبارَ على الأعناقِ كحِبالِ مَشانِقَ. /لا شيءَ لطيفٌ هذا المساءَ إلّاّ ضوءُ القمرِ حينَ تخلُدُ إلى نومِها كلُّ أسلحةِ العالمِ/ في الحُبِّ عليكَ أن ترتِّبَ حزنَ الصّباحِ وأن تغسلَ فناجينَ دمعِكَ بماءِ الأمسِ وتحفرَ لنفسِكَ قبراً يليقُ بمدينةٍ كبغدادَ. وفي العدمِ لن تفعلَ شيئاً غيرَ حلِّ الكلماتِ المُتقاطِعةِ لأحلامِكَ وانتظارِ شُهُبٍ تهوي حافيةً كشلالاتِ شهوةٍ عقيمةٍ في غيابِكَ أسقطُ في مصيدةِ الأغاني العاطفيّةِ كأرنبٍ أو كجثّةِ كمانٍ انتحرَ بينَ يديكَ ومنفياً عنكَ. في غيابِكَ أيضاً يرتدُّ صوتُ قُبُلاتِنا كخُطَىً تتقافَزُ على درجٍ بعيدٍ يجلسُ قلبي كدُميةٍ مَخذولةٍ فوقَ سريرٍ من الجَماجمِ. ثمّةَ قطاراتٌ لن تسافرَ في رحمِ السّاعةِ الرّطبِ ومحطّاتٌ ستكفُّ عن إنجابِ القبلِ السّريعةِ وثمّةَ موتى يشربونَ معكَ الشّاي الآنَ ويرقصونَ كعُشّاقٍ في مقبرةٍ جماعيّةٍ أولئكَ المُتسلّلونَ من نافذةِ نومِكَ مثل كتلةِ شمسٍ بعدَ مطرٍ أشقرَ لن تهمَّهُم البكتيريا في حليبِ جسدِكَ سيشربونَهُ.. كما تشربُ البلادُ فُقراءَها ويشربُ غسيلُ الغائبينَ نهارَ الشّرفاتِ. 2017-05-12 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet