التّنفسُ تحتَ الأنقاضِ : شعر : عبد الله سرمد الجميل – شاعر من العراق 29 أبريل,2017 عبد الله سرمد الجميل في ( اليوتيوب ) ، أشاهدُ كيفَ أنّ اليابانيّينَ يُروِّضونَ الزلازلَ في مبانيهم ، بحيثُ هم يرقصونَ مع المباني عندَ حدوثِها ، واثقينَ بالهندسةِ المعماريّةِ المعاصرةِ في أُسُسِ المباني ، أشاهدُ هذا وأتذكّرُ الموصليّينَ تحتَ الأنقاضِ ، تحتَ الأنقاضِ نتنفّسُ ونستمعُ فقط ، ولا نقدِرُ على أن نحرِّكَ عضلاتِ ألسنتِنا أو عيونِنا ، كما لو أنّنا لم نُفِقْ بعدُ من تأثيرِ المُخدِّرِ ، تحتَ الأنقاضِ أستهزئُ ، أهذا كلُّ ما لديكَ يا جدارُ ؟! ريشةٌ على صدري أثقلُ منكَ ، تحتَ الأنقاضِ أفكِّرُ في غدي ، سأخلِّصُ الأحجارَ البريئةَ منكَ يا جدارُ ، وأسوقُها إلى أرحامِها ، تحتَ الأنقاضِ قبضتايَ مسدودتانِ كتجويفِ الجبلِ ، مسدودتانِ مذْ صافحْتُها ، غاضبٌ من العالَمِينَ ، سأختزلُ الأوكسجينَ في كرتي المدبَّبَةِ بالشّوكِ ، وأجعلُهم خلفي يختنقونَ ، يترصَّدُني طيرٌ ، ينقضُّ عليَّ ، فيتفحَّمُ ، اطمئِنِّي يا أمّي ، نِمْتُ في السّاعةِ التّاسعةِ كالعادةِ ، عدَدْتُ الخِرافَ المُتَخيَّلةَ في السّقفِ ، غداً سأستيقظُ في السّاعةِ السّادسةِ ، وأُزيحُ غطاءَ الحجرِ عن جبهتي ، لا تقولي: أمواجٌ، قولي: بحرٌ يتجعَّدُ ، برعونةِ وَعْلٍ أكتبُ وأجُسُّ أصابعي ، حينَ تنتهي الحربُ سوفَ يأتي سكّانُ الأطرافِ الغرباءُ ، وفوقَ أنقاضِنا لن تدومَ خِيَمُهم ، نحنُ مصبوغةٌ بدمائِنا كلُّ الحجارةِ ، يتدلّى ضوءٌ من خاصرتي ، تتدلّى خاصرتي من هُوَّةِ البياضِ ، يخيِّبُ فرحتي الشّمعُ ، تنهَلُ من رؤيتي النّافذةُ ، يعدو النّهرُ وراءَ هوائي الذي سرقَ خلطةَ الغرقِ ، يصعَدُ بيَ الإرهابيّونَ إلى سطحِ العِمارةِ ، يحتشدُ السِّفْلَةُ مرتقبينَ ارتطامي ، نظرةٌ أخيرةٌ على المدينةِ ، جرّبْتُ الطّيرانَ فخانَ الهواءُ ، إذن لن يخونَ البَلاطُ ، ما أَنْعَمَ خدَّ الحجارةِ ، سخَّرْتُ الطّبيعةَ للبحثِ عمَّن أضعْتُ ، يا جبالُ افتحي عيونَكِ ، يا غاباتُ شُمِّي الأثرَ ، يا أنهارُ احفَظي لي ملامحَها ، هيَ ذي بالشّالِ الأحمرِ تدخلُ الآنَ الحديقةَ ، وتدخلُ الحديقةُ في أوصافِها ، إليكِ عبرْتُ أوديةً يَشْرَئِبُّ الغيمُ منها كأنّها مِبْخَرةٌ ، وسياجاً متماسكاً هوَ دبكةُ عِيدانِ الخشبِ ، ونافورةً آسِنَةً تَتحالَفُ الأُشُنُ فيها ، وممرّاً سِرِّيَّاً يُفضي إلى غرفتِكِ ، وَارَبْتُ بابَها بالحكمةِ ، لكنْ تركْتِ مكتوباً: قابلْني فوقَ الجبلِ الأبيضِ ، أيُّ جبلٍ أبيضَ وكلُّ جبالِنا خضراءُ ؟ ثُمَّ تذكّرْتُ أنَّ الجبالَ تُصبَغُ بالغيمِ ، وأنَّ الغيمَ يُولَدُ من سيجارةِ امرأةٍ على عَتَبَةِ البيتِ ، لي مكتَبٌ فوقَ المرتفَعاتِ ، تقصِدُني فيهِ العنقاءُ طالبةً تبليطَ شارعِ الرّياحِ ! والتلُّ يقصِدُني أَسْيَانَ: لقد وشَمُوني بِعَلَمِهم من حجرٍ رَخْصٍ ! تقصِدُني الغِزلانُ مُرتابةً: ذاكَ الشلّالُ يلمَعُ ، هل هوَ نَصْلُ سكِّينٍ ؟! من نصفِ تُفاحّةٍ وعطشٍ بهيئةِ كوبٍ تُبنى المَمالكُ ، لا أُشْبِعْتَ أبداً أيُّهذا البياضُ ، نَمْ فيمن تخلقُكَ نبعاً ، انحَدِرْ على ساقٍ ، تحطَّمْ ولا تُلَمْلِمْكَ ، انعكسْ على أفكارِهم ، أخِفْهم بما لا تُدركُهُ أنتَ ، من مشتلي الزّجاجيِّ ترتفعُ زنبقتي السوداءُ ، ثمّ تطيرُ إلى أن تحجُبَ الشمسَ ، ينذهلُ النّاسُ من هذا المشهدِ ، يحضُنُ الأولادُ سيقانَ آبائِهم ، تطمِرُ الزّوجاتُ رؤوسَهُنَّ في معاطفِ أزواجِهِنَّ ، والجميعُ يطمِرونَ عيونَهم في أقدامِهم ، تنتفخُ عروقُ زنبقتي السّوداءِ وتنفجرُ ، فينامُ الجميعُ محقونينَ بشظايا الرّبيعِ . 2017-04-29 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet