الكُوَّة..:شعر : مازن أكثم سليمان – دمشق – سورية 25 مارس,2017 مازن أكثم سليمان مَنْ لم يصِلْ في مثلِ هذا اليومِ لنْ يصِلَ في أيِّ يومٍ آخَرَ..!! يأخُذُ التاريخُ استراحاتٍ طويلة أحياناً يتفرَّغُ لشؤونِهِ العائليّةِ يُرَتِّبُ منزلَهُ.. يعتني بأطفالِهِ.. يهتَمُّ بالهِرَّةِ والأزهارِ.. ويُجَرِّبُ وصفاتِ طبخٍ غريبةً.. تمتدُّ إجازاتهُ حسبما تُحَفِّزُهُ الذّبذباتُ وحسبما يلمسُ جوعَ الصّفحاتِ للكتابةِ عليها بأحرُفٍ يراها البعضُ خالدةً وينعتُها البعضُ الآخَرُ بالصّفحاتِ السّوداءِ. لا يمشي نحوَ الأمامِ ولا يدورُ حولَ نفسِهِ. حركتهُ خاصّةٌ: تميلُ قليلاً إلى الجنوبِ الشّرقيِّ أو الغربيِّ، أو إلى الأعلى الشّماليِّ بضعةَ سنتيمتراتٍ أو إلى جهةٍ يصعبُ على الضّوءِ تعيينُها الحاسِمُ..؟!! /- ما الذي تُخْفيهِ وراءَ ظَهرِكَ..؟ … غيمةً مثلاً..؟! – ألُمُّ بأطرافِها أثوابَ النّجومِ؛ رافِعاً البحيراتِ بضفائرِها../ جَماليٌّ يندَغِمُ القبيحُ في هزّاتِهِ المُتواتِرةِ فلا خيرَ ولا شرَّ في مَعاييرِ الورودِ الرّحيقُ والأشواكُ دائماً على المعبرِ نفسِهِ في التباسٍ حميدٍ هُوَ الحُلْمُ.. إنسانيُّ الطِّباعِ تقريباً، ولا إنسانَ لهُ. شِعرُهُ طافِحٌ، ويَهوى سُوءَ فهمِهِ لذاتِهِ. يصيرُ في أيامٍ كثيرةٍ ألعوبةً بيدِ أهوائهِ، أو بقّالاً في دُكّانِ غيرهِ، ولا يسألُ شجرةً: من أينَ لكِ هذا..؟! وقلّما يُحاسَبُ على تزويرِ الأقداحِ في بَلاطِ المَلِكِ.. مزاجيٌّ كموجةِ غدرٍ، وأليفٌ كبلسمِ عناقٍ. نسبيٌّ كتعبِ الفلاسفةِ على الأخلاقِ، والحقيقةُ لديهِ مُتعدِّدةٌ كأنواعِ المعكرونةِ. يبدو مُكتفياً بذاتِهِ فإذا بالجميعِ يَنوسونَ في أحشائهِ الرَّحبةِ..!! / -ما الذي تُخْفيهِ وراءَ ظَهرِكَ..؟ … سكّيناً مثلاً..؟! -أحفرُ بهِ خشبَ الوقتِ الحزينِ وأُوَسِّعُ الممرّاتِ بينَ الأحداثِ كالأواني المُستطرِقةِ../ يُهمِلُ عُقوداً مَديدةً كمَخطوطٍ مَفقودٍ ثُمَّ يقتحِمُ على حينِ غرّةٍ عرشَ قرنٍ كاملٍ صابِغاً ذُقونَ الأعوامِ بالحِنّةِ راسِماً الوُشومَ السِّحريّةَ على مَعاصِمِ كلماتٍ تُعَمِّرُ طويلاً وعندما يَغوصُ في أوكسجينِ الرِّئاتِ كالمَخمورينَ على الشّاطئِ: [تُعانِقُهُ مرّاتٍ ومرّاتٍ.. كي تتأكَّدَ مِنْ كثافةِ الزّمنِ في نِقْيِ عظامِهِ مِنْ غِنى الكُريّاتِ الدّمويّةِ في أوردتِهِ مِنْ تسرُّعِ أنفاسِهِ كالصّاعِدِ على عجَلٍ سلالِمَ الظّهيرةِ تُعانِقُهُ مرّاتٍ ومرّاتٍ.. كمُنْتَشٍ لا يُريدُ مُفارَقَةَ الخَمّارةِ، ثُمَّ تهمسُ في أذُنِهِ – غير آمِنٍ على نفْسِكَ-: – أيُّها الوغدُ القاسي: ما أروَعَكَ..!!]. تارةً ندعوهُ قدَراً تارةً ندعوهُ عبَثاً أو ننسبُ أفعالَهُ إلى أناسٍ ننعتُهُم بالعبقريّةِ من دونِ أن نتلقَّفَ رموزَهُ في حينِها مَشغولاً بمَنطقِهِ الخاصِّ بعيداً عن كُلّ تَوُقُّعٍ مُطابِقاً ما نظنُّهُ لم يُجَرَّبْ أو مُتباعِداً كالتّشظّي الأعمى: [ضَربةُ بُوكِر ساحِقةٌ انفجَرَتْ في صالةِ قِمارِ مُكتظّةً بانتصاراتِ البعضِ وهَزائمِ الآخَرينَ…] /- ما الذي تُخْفيهِ وراءَ ظَهرِكَ..؟ … قلَماً مثلاً..؟! -أكتبُ بهِ: هكذا تُولَدُ الدُّروبُ والمَجازاتُ، أو أمَزِّقُ برأسِهِ الحادِّ كمنْقارِ الطّائرِ بيضةَ هذهِ القصيدةِ وأخرُجُ../ مَنْ لمْ يصِلْ في كُوَّةِ هذا اليومِ -حديقةً أو صحراءَ أو عاصِفةً – لنْ يصِلَ حتماً في أيِّ يومٍ آخَرَ..!! … … أيّاً كانَ السَّردُ؛ أيّاً كانتِ الصّيرورةُ؛ ما تحكمُ بهِ اللَّعنة كالمَنامِ لا يُمْكِنُ ردُّهُ. 2017-03-25 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet