ورقةٌ فارغةٌ: علي غازي – بغداد – العراق 18 فبراير,2017 علي غازي عن النّافذةِ المفتوحةِ الأخيرةِ ، التي تُنْصتُ إلى الدّروبِ البعيدةِ. عن البيوتِ المهجورةِ ، التي تَضْربُ نوافذَها الرّياحُ بحزنٍ. عن انتباهِ الأشياءِ .. عن جماليّةِ نِظرتِكِ الوحشيّةِ إلى داخلِكِ . عن كلمةِ حبٍ في قنّينةٍ تطوفُ المحيط. عن تمرّدِنا على الجسدِ ، تلك الكينونةِ الصّغيرةِ التي لا تكفينا . عن عربةِ الشِّعرِ القديمةِ ، التي تقودُها أحصنةٌ متعبةٌ. عن الدّموعِ التي تفقدُ معناها ولا تملكينَ سواها . عن المثلّثِ الأغريقيِّ(1) .. بالرّغم من أنّي أحبُّ مثلثَكِ الإغريقيِّ أكثرَ . عن كلماتِكٍ التي لا أضعُها في مكتبتي حيثُ النّسيانُ ، بل في قلبي حيثُ الجحيمُ. عن الشّيءِ الذي ينبضُ فيَّ .. كأنّه المطرُ. عن الجزءِ الذي ينمو منّي كأنّهُ الحربُ . عن الفجرِ الذي يتوقّفُ عندَ عتبتِكَ وينحني : اُخرِجي أميرتي ليبدأَ النّهارُ. عن بوكوفسكي وامرأةٍ فاتها أوانُ الشّعرِ والحبِّ(2). عن غروتوفسكي وسلاحِه(3) ، وتشوانغْ تزو وحلمِهِ(4) . عن الأثقالِ التي نحملُها ، تلك التي تجعلُنا نفشلُ في الطّيرانِ كلَّ مرّةٍ . عن ورقةٍ فارغةٍ ، نعدو عليها أنا وأنتِ .. نبحثُ عن زاويةِ البدايةِ. عن طفلٍ تحتَ الأنقاضِ ، يبكي في نومِهِ : “ماما أخرجيني من هنا “. عن اللّقالقِ التي تحملُ الجثثَ .. توزِّعُها على بيوتِنا . عن نيزكٍ ينتظرُ الاصطدامَ. عن حروفٍ نتقاسمُها. عن أحزانٍ لا يمكنُ هزيمتُها . عن موسيقى ضاحكةٍ تُبكيني. بالنّيابةِ عن سيوران وبيسوا وعن دالي وديلاكروا . بالنّيابةِ عن كلِّ شيءٍ .. أكتبُ إليكِ ، كلماتٍ تشبهُ الوجعَ حينَ يهبطُ بمظلّتِهِ . كلماتٍ تمنحُ دمعةً .. دمعةً وحيدةً باقيةً . لا تطفئي الشّموعَ التي أراكِ بها. لا تئدي الحلمَ في مهدِهِ. اِبْقَيْ حيّةً . ……………. (1) المثّلث الإغريقي : كافافي ، ريتسوس ، كازانتزاكي . (2) بوكوفسكي : أعتقد أنّ امرأة لم تفتح ساقيها طوال خمسة وثلاثين عاماً .. سيكون قد فاتها أوان الشّعر والحبّ . (3) غروتوفسكي : في الحياة المسألة الأولى هي كيف تكون مسلّحاً ، في الفّن كيف تكونُ منزوعَ السّلاحِ . (4) تشوانغ تزو .. حلُم أنّه فراشة ، وعندما استيقظ ، لم يدر إن كان بشراً حلُم أنّه فراشة ، أو أنّه فراشة تحلم الآن أنّها إنسانٌ . 2017-02-18 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet