كتابٌ عن الثّقافةِ في المجالات التّربويّةِ للباحث التّونسيّ عاطف عواديد :مسألة التّنشيطِ الثّقافيّ في المؤسّسة التّعليميّة عرض : شمس الدّين العوني – تونس 17 ديسمبر,2016 عاطف عواديد شمس الدّين العوني كان الأستاذ الباحث عاطف عواديد ولا يزال منذ عدة سنوات مسكونا بهاجس البحث عن إيجاد آفاق جديدة علمية ، واقعية ، ناجعة للنهوض بالنشاط الثقافي في الفضاء التربوي بتونس .وذلك من موقعه المهني وهو أنه يشغل خطة مدير لمؤسسة ثقافية و كذلك لحرصه على إقامة علاقة فاعلة بين المجالين الثقافي و التربوي خصوصا بعد إعلان وزير التربية السيد ناجي جلول اهتمام وزارته بهذه المسألة البالغة الأهمية. فكان ذلك دافعا للباحث عاطف عواديد على تأليف كتاب يعالج فيه هذا الموضوع. ان المطلع على هذا الكتاب يلفته أن صاحبه ركز فيه عنايته على دَوْرِ دُورِ الثقافة في التنشيط الثقافي بالوسط التربوي والسبل القويمة التي تمكنها من تحقيق هذا الهدف دون كلفة مالية ،مراعاة للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، مقترحا لهذا الغرض البحث عن طريقة علمية يسيرة الاستعمال تجمع بين مراعاة الجانب الأكاديمي وأخذ الممارسة اليومية للفاعلين الثقافيين الرسميين بعين الاعتبار .وذلك في مستويات الإعداد والبرمجة والإشراف والتنفيذ والمتابعة والتقييم وتحديد الوسائل والأهداف وما إليها. و يلوح من فصول هذا الكتاب أن من أبرز غايات تأليفه الإيمان بأن الثقافة هي من أنجع الدروع الواقية من العنف والتعصب و التطرف والإرهاب في ظل الأوضاع السائدة ببلادنا والبلدان المجاورة لها منذ بضع سنوات .وقد كان لها انعكاس سيئ على المؤسسات التربوية التي باتت مهددة كغيرها من مؤسسات المجتمع .فكان لزاما إذن ،في نظر المؤلف، طرح مسألة التنشيط الثقافي في علاقته بالمؤسسة التعليمية وكيفية خلق الدافعية في الوسط التربوي للإقبال على الثقافة استهلاكا وإنتاجا.وهذا ما قاده إلى إثارة القضايا الفرعية التالية : هل من سبيل إلى جرد مكونات المسألة التنشيطية باعتبارها عناوين كبرى لموضوعات مصيرية ؟ من يضطلع بالتنشيط الثقافي داخل مؤسسة تربوية ما ؟ كيف يكون دوره في الرقي بالمشهد الثقافي التربوي وخلق جيل متعلم مبدع ؟ ما أهمية التنشيط الثقافي داخل فضاءاتنا التربوية ؟ هل من جدوى للتداخل بين العمل في المؤسسات الثقافية والمؤسسات التربوية الراجعة بالنظر إلى وزارة التربية؟ وهذا ما يدعو إلى تضافر الجهود في هذا الشأن بين وزارة التربية ووزارة الثقافة “على اعتبار التلازم الطبيعي بين الثقافة والحضارة. وفي هذا يقول مالك بن نبي : “إن كل تفكير في مشكلات الحضارة، هو تفكير في مشكلة الثقافة”. وللإجابة عن تلك الأسئلة تتبع الباحث ما جاء عن موضوعه في الوثائق الرسمية لوزارة الثقافة التونسية التي كانت في بداياتها كتابة دولة للشؤون الثقافية والإخبار محاولا الوقوف على تعريفات ما لمؤسسة دار الثقافة .فلم يظفر فيها بأي تعريف . .ومرد ذلك أساسا إلى قلة البحوث الأكاديمية التي تناولت هذا الموضوع بتونس من جهة و اقتصارها على النظر إلى المؤسسة الثقافية باعتبارها فضاء عرض ووعاء ثقافيينمن جهة أخرى . وربما يكون السبب في ذلك عدم قدرة المؤسسة الثقافية نفسها على التنصل من صورتها النمطية التقليدية المرتبطة بإعادة تكرار ما سبق من تاريخها الثقافي دون بلوغ درجة الصناعة الثقافية. ولمّا كانت دار الثقافة اليوم، توجد في خضم المشروع الثقافي التربوي الطموح لوزارة التربية و مدعوة عندئذ إلى الاضطلاع بمهمة بالغة الأهمية وجب التعامل معها بمنتهى الحذر والحيطة حتى لا تخرج من سياقها النفعي، وحتى لا تحيد مؤسسة التربوية عن الطريق الصحيحة في التعامل مع موضوع التنشيط الثقافي. لذلك وجب القيام بمقارنة شمولية بين مؤسسة دار الثقافة والمؤسسة التربوية من حيث القدرة على إدارة الشأن الثقافي والتصرف في الموارد المتاحة والتمكن من مناهج التنشيط الثقافي وغيرها …كما وجب تبين معوقات الإنجاز داخل الفضاءات التربوية وتصور الحلول المناسبة في إطار شراكة حقيقية وفاعلة بين وزارتي الثقافة والمحافظة على التراث، والتربية، تراعي إمكانات المؤسسة التربوية من جهة وتأخذ بعين الاعتبار حاجة مؤسسة دار الثقافة إلى الانفتاح على الوسط التربوي والخروج من بوتقة التنشيط الثقافي اليومي التقليدي الممل الوفي دوما لفضائه الاعتيادي الرسمي….من جهة أخرى . ويمكن القول في الختام إن هذا البحث عمل علمي ميداني طريف هو الأول في بابه تونسيا ، يتنزل في صلب مشروع وزارة التربية .لذلك نرجو من هذه الوزارة أن تطلع عليه للإفادة مما تضمّنه من أفكار ومقترحات . 2016-12-17 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet