المُستقبَلُ . . : شعر :مازن أكثم سليمان – دمشق – سورية 19 أكتوبر,2016 مازن أكثم سليمان كرَجُلٍ يتألَّمُ نيابةً عن رَجُلٍ آخَرَ راقبْتُ المُستقبَلَ نازلاً من ساعةِ حائطِ الكونِ رامياً في حقائبِ الأطفالِ سكاكرَهُ المُغريةَ كأحلام اليقظةِ وفي دفاترِ المُراهقينَ بطاقاتٍ ورديّةً للرّحلاتِ وفي قُلوبِ الشّبابِ وُعوداً تحوكُها الثِّقةُ قبلَ التّنجيمِ وقبلَ أنْ يطمئنَّ إلى الخُطى الآتيةِ خانَهُ رقّاصُ السّاعةِ بطعنةٍ غادِرةٍ مُطبِقاً العُيونَ التي ترنو إلى المدى على الضّبابِ . . . . . . . . . . درَّبْتُ نفْسي على تسلُّقِ السّلالمِ الخَلفيّةِ للمُستقبَلِ . . . . . . . . رأيْتُ البحرَ يخرُجُ من مِحبرةِ الشّاعرِ في عنُقهِ سِلْسِلةٌ ويزحَفُ على رُكبتيْنِ داميتيْنِ . . . . . . . رأيْتُ الأسماكَ تَفورُ من أكمامهِ الزّرقاءِ وتتخبَّطُ بلا جدوى . . . . . . . رأيْتُ غيمةً تتجمَّدُ فجأةً وسَطَ السّماءِ يصطدمُ بها نورسٌ مُقامِرٌ وتختفي الشّمسُ وراءَها . . . . . . . رأيْتُ رُضَّعاً يسعلُونَ فتخرُجُ من أفواههِمْ حلَماتُ أمّهاتِهم المذبوحاتِ على جوانبِ الطُّرُقْ . . . . . . . كانتِ الجدرانُ مُزيَّنةً بالشّعاراتِ وغزا دودٌ صغيرٌ مكتباتِ المُدُن وصالاتِ الفُنونِ وكُلّما حاولتُ الهربَ إلى الوراءِ قليلاً أو إلى الأمام كثيراً نهَرَني الوقتُ قائلاً : – أنتَ ابنُ مُستقبَلٍ جئتَهُ على قدميْكَ فانظُرْ ما أنتَ فاعلٌ في الهواجسِ والإراداتِ . . ؟! . . . . . . – . . . لم يُقرِّرْ أحدٌ لونَ بشرتِكَ أيُّها المُستقبَلُ سوى أنَّني درَّبْتُ نفْسي على تسلُّقِ سلالمِكَ الأماميّةِ وبصَلَفٍ بالِغٍ قذَفْتُ قدَميَّ كالسّهميْنِ الحادّيْنِ دفَعْتُ جسَدي كالبرميلِ الثّقيلِ غادَرْتُ الخَلايا وكانَتْ أيّامي عطشى لمحطّةِ استراحةٍ يقِفُ فيها الزّمنُ على رأسهِ كالمُهرِّج . ِ . . . . . . / الشّجرةُ قلِقةٌ رأيْتُ ذلكَ في عُروقِ أوراقِها . .! / . . . . . . . . . حالَما اصطدمَ المَجازُ بالنّافذةِ عصَرْتُ ضِرْعَ الهواءِ حتّى آخِرِ زفْرةٍ وكانَ الوداعُ في يوم سَعْدِهِ أنا الطّفلُ الذي أقنَعَ رفاقَهُ أنَّ اللّهبَ حمّالاتُ أثداء الملائكةِ وأنَّ الدُّخانَ ستارةٌ قُماشيّةٌ على نافذةِ الرّبِّ همَسْتُ في أُذُن المُستقبَلِ: “سأنتظرُكَ يا صديقي كما لا يَنتظِرُ المَحظوظُ حظََّهُ” . . . . . . . . . وككُلِّ جريمةٍ نكراءَ ثمَّةَ أثَرٌ كاشِفٌ كأنْ تُغتالَ الأحلامُ ويطمئنَّ قاتلُها دونَ أنْ يتنبَّهَ أنَّ النَّظَراتِ ظلَّتْ تتلوَّى في مكانِها دليلاً لا يُمكِنُ مَحْوُهُ لكنَّني ساوَمْتُ اللَّحظاتِ مُوقِناً أنَّني كومةُ حطَبٍ مُتعاضِدةٌ والسّيولُ لا تجرؤُ على الاقترابِ منّي وأنَّ المُستقبَلَ في جيبي مُختلِفٌ عمَّنْ يسندُ ذقنَهُ بإبهامِهِ أو مُلاقاة الرُّؤى في الشُّرودِ بيْدَ أنَّ لا مطرَ يتغيَّرُ وسيِّئُ الصِّيتِ مَنْ لا يُؤمنُ بتكرارِ العُنفِ القتلُ يُعيدُ الوَردةَ إلى النَّضارةِ والانزلاقُ في فجَواتِ المَرئيِّ يفتَحُ درباً في بصيرةِ الفوضى . . . . . . . _ هل للمُستقبَلِ مُستقبَلٌ . . ؟! . . . . . . / الحُروقُ تُضمِّدُ مَساربَ القلبِ وساعةُ الحائطِ تُطلقُ عويلاً طويلاً الرُّوحُ تَهوي منَ الطّابقِ الأخيرِ وفي الأسفَلِ . . كائناتٌ تنتظرُ فرائسَها كالتّماسيحِ / . . . . . . _ ليسَ للمُستقبَلِ إلّا المُستقبَلُ . . . . . . . . / عساني أغزو الصُّدوعَ بصُحبةِ الدَّهرِ حصَّلْتُ الجنسيةَ من ريشةٍ بلا مَهبِطٍ وكانَ الحالِمونَ واللُّصوصُ ودُعاةُ الأمزجةِ المَلعونةِ زُملائي الأوفياءُ في المرَضِ والسُّجونِ والأوهامِ خليّةً خليّةً وزَّعْتُ أسرابي على الأمَلِ وقلتُ: لن يختلِفَ الأمرُ كثيراً؛ إنَّما لا تُعمِّرُ الدُّروبَ سوى مُخيِّلةٍ مُضمَّخةٍ بالغيابِ . . . . . . . درَّبْتُ نفْسي على الانزلاقِ الخَطِرِ قفَزْتُ عشرَ درجاتٍ عشرَ درجاتٍ رأيْتُ المُستقبَلَ يهبطُ من ساعةِ حائطِ الكونِ بمظلَّةِ المُغرَمِ بالأرضِ يتجوَّلُ بينَ الصُّخور المَنبوذةِ والأودية الجرداءِ ثُمَّ لا يكادُ يصعَدُ إلى بيتهِ الزَّمنيِّ حتّى يغدوَ ماضياً قد مضى فينفُخُ فيهِ المجهولُ وقتاً فائضاً عن وقتِهِ لينزِلَ من جديدٍ طاوياً أجنحةَ أولادِنا وأحفادِنا على الطُّمأنينةِ الكاذِبة ذاتِها صانِعاً كُلَّ ذلكَ بدافِعٍ عاطفيٍّ فاحِشٍ أو برغبةٍ جَماليّةِ باندلاعِ براعمِ الرّبيعِ على الشِّفاهِ مُتألِّماً نيابةً عن رجُلٍ آخَرَ أو عنِ البشريّة بأكمَلِها مُسطِّراً في تنائيهِ الحِكمةَ البائدةَ مُوقِناً أخيراً أنْ لا وُصولَ مُمْكِنٌ مُردِّداً على العلَنِ المَهجورِ : “أيَّتُها الخالةُ الكآبةُ” أنا الحريقُ الكامِلُ والسّعادةُ بقيَّةُ رذاذِ الماءِ على الحوافِّ . . . . . . غُرَباءُ اليومِ سادَةُ الغَدِ والحالِمونَ لا يتألَّمونَ بالتَّقسيط . 2016-10-19 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet