تسعُ قصائدَ و سبّابةٌ و إبهامٌ : شعر : نجد القصير – السلميّة – سورية 12 أكتوبر,2016 نجد القصير لمّا بدأَ القصفُ كان الشّاعرُ على صدْرِ قصيدتِه ينامُ و من غفلةٍ ألمّتْ به تركَ القصيدةَ و صار يبحثُ عن الأمانِ و ما هي إلاّ لحظاتٌ قليلةٌ حتّى صارَ البيتُ ركامْ و النّاجون منه تسعُ قصائدَ و سبّابةٌ و إبهامْ تعليق : محمّد صالح بن عمر: ثلاثة عناصر بارزة تلفت الانتباه ، بوجه خاصّ ، في هذه القصيدة :الأول هو توليد “الجماليّ” من “المأسويّ” أو إن شئنا من “القبيح” ، وفقا لقول الرّسام الفرنسيّ بول قوقان ( Paul Gauguin ): “القبيح يمكن أن يكون جميلا . أمّا الجميل فلا ” . وهذه الفرضيّة التي قد تُفسَّر بأنّ الأثر الفنّيّ الحقيقيّ لا يختزل في مجرّد نسخة منقولة عن الواقع ولا حتّى في انعكاس له ، قد تجسّدت هنا خاصّة في الخاتمة المربكة التي ختم بها مقطوعته . وهذه الحقيقة لم تنفكّ تثبت صحّتها كوكبةٌ من الشّعراء السّوريّين ما فتئوا يأخذون بألبابنا ويدهشوننا بنصوصهم الرّاقية ، منهم على سبيل المثال فرات إسبر وسوزان إبراهيم وليندا عبد الباقي وقمر صبري الجاسم وأميمة إبراهيم وانتصار سليمان وغيرهم ومنهم طبعا نجْد القصير صاحب هذا النصّ .فقد جعل هؤلاء الشّعراء من حرب الأشقّاء المدمّرة التي تعصف ببلادهم مَعِينا للإلهام الشّعريّ منه يستنبطون الرّوائع ، مدفوعين ، في ذلك، بخيالهم الخصب وحساسيتهم المرهفة .والعنصر الثّاني هو البعد الإنسانيّ الضّخم لهذه المأساة التي لم يتناولها الشّاعر من زاوية إيديولوجيّة ضيّقة ، منحازة بل تلقّى انعكاساتها عاطفيّا ، مغرقا بذلك الخطاب في خضمّ من المشاعر يدرك ذروته في المشهد الختاميّ الذي يصوّر فيه تمزّق جسده إرْبا إرْبا . والعنصر الثّالث هو وضع الشّاعر المزدوج ، من حيث إنّه يبدو محكوما عليه بالانقياد إلى قدر بائس تعيس لا مردّ له – والدّليل على ذلك هنا نهايته الرّهيبة – لكنّ صوته مع ذلك يخلد ، متحدّيا تقلّبات الزّمن (النّاجون منه تسعُ قصائدَ و سبّابةٌ و إبهامْ : أي النّصوص الشّعريّة والإصبعان اللّتان تستعملان في كتابتها ) . إنها قصيدة مؤثّرة للغاية ، ذات صياغة فنّيّة رشيقة، تجمع بين الألق الجماليّ الباهر والأثر العاطفيّ القويّ. 2016-10-12 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet