خرائطُ العازفِ : عبد الله سرمد الجميل – العراق 26 سبتمبر,2016 عبد الله سرمد الجميل بينما كانَتْ بُحْبوحَةُ الحيِّ ، نصفُها يهجَعُ في شفةِ الأرقِ ، ونصفُها تهشِّمُهُ الكوابيسُ ، نزفَتْ خرائطُ العازفِ ، إنّهُ زلزالٌ عشبيٌّ خبيءٌ سرى في الجمادِ ، * النّغماتُ تقفِزُ مبلّلةً مثلَ جوفِ الحجرِ ، بطيئةً مثلَ القُبلةِ السُّلَحْفاةِ ، مرتعدةً مثلَ لُهَاثِ أسيرٍ فارٍّ ، * ليسَتْ ريشةً في يدِهِ بل أفعىً هنديّةٌ تبينُ من جيتارِهِ ، وتتلوَّى حولَ عَمودِ زفيرِهِ ، * العازفُ كلَّ يومٍ لهُ حِدادٌ كأنّ كلَّ الأرضَ ابنتُهُ ، غيرَ أنّهُ يتحالفُ معَ طالبٍ جامعيٍّ يقنعُ صديقتَهُ ، بأنّ النغماتِ ستتمكّنُ من حشرِ ثورٍ هائجٍ في خُرْمِ الإبرةِ ، * في قاموسِ العازفِ الوحدةُ نغمةٌ مقدَّسَةٌ والنافذةُ كنيستُها ، * العَمودُ الفقريُّ سطرٌ موسيقيٌّ ، والفقراتُ غرفٌ يستحمُّ فيها لؤلؤٌ ملوَّنٌ ، * الشّيخوخةُ الدّامعةُ راقصةٌ شرقيّةٌ ، تشاهدُ عرضاً قديماً لها من كرسيِّ الإعاقةِ ، * السكّةُ قلادةٌ خشبيّةٌ والحقائبُ علاماتُ النّزوحِ ، * أنا وزيرُ الطّبيعةِ أستقبلُ في مكتبي مئاتِ الشّكاوى ، من الأشجارِ تُحْرِقُها الفزّاعاتُ ، من الهواءِ تثقبُهُ الصّواريخُ ، من الأسماكِ تكدِّرُ حراشفَها ناقلاتُ النِّفْطِ ، من التّربةِ تغُصُّ بالجثثِ ، ومن الطّحالبِ يهملُها النّحلُ ، * الخارطةُ الأولى: دو دويُّ الماءِ في جغرافيا الخفاءِ ، دموعُ الثّريّا فوقَ جِمَالِ البنفسجِ ، دمارُ الخريفِ غيرُ الصّحيِّ ، دماءُ الرّبيعِ تتفتّقُ في ثغرٍ ورديٍّ ، دِلاءُ الصّيفِ مُنْدَلِقَةٌ في عينِ المنتظِرةِ ، ودلالُ الّشتاءِ في شفةِ المنتظِرِ ، * الخارطةُ الثّانيةُ: ري رقابُ الأمواجِ تتكسّرُ فوقَ أثداءِ الصّخورِ السّاحليّةِ ، رحيلُ السّجونِ من قبضةِ الدّكتاتور إلى ذاكرةِ الحطبِ ، رسومُ الأندلسِ كمُهَدِّئاتِ الأعصابِ ، رقيمُ الجوزاءِ يزيّنُ مكتبةَ المجرَّةِ ، رغيفُ الشّمسِ تتناتفُهُ عصافيرُ الغيومِ ، رسائلُ المطرِ قبلَ أن تتجمَّدَ ، ورمادُ القلوبِ في قارورةِ عطري ، * الخارطةُ الثّالثةُ: مي مِرْسالُ الحبِّ يضيءُ الوقتَ بالتّوقّعاتِ اللّذيذةِ ، مدائنُ الأفكارِ اللاّمرئيّةِ تُوجِسُ ولادةً ، إذْ يحلّقُ فوقَ بضائعِها بِسَاطُ الشّاعرِ العبقريِّ ، موانئُ النّوارسِ حيثُ ريشُها الأبيضُ صحفُ الأعمى ، وأعناقُها الحمراءُ المصفرَّةُ خاتَمُ الأصيلِ المنخورُ في إِصْبَعِ النّهرِ ، ملامحُ الفتاةِ المفردةِ كالزّوبعةِ المفردةِ ، مَوْصِلُ الشّتيتينِ ومغناطيسُهما ، مكنساتُ الهواءِ أعني الطّواحينَ ، مُسْتَجَمَّاتُ المغتربِ أعني المقاهيَ ، ومداراتُ العرباتِ في شفاهِ الوحلِ ، * الخارطةُ الرّابعةُ: فا فراغاتُ أقفالِ الجسدِ من مفاتيحِ القبلةِ ، فقّاعاتُ النّدى تنعكسُ عليها أدَمَةُ الفلّاحِ ، فضاءاتُ الشّرفةِ للمحاصراتِ في بيوتِهِنَّ ، فُكاهاتُ الحربِ المبكيةُ ، فِرَاءُ الدّببةِ على أكتافِ الصّيّادِ تفتّشُ عن الثّأرِ ، وفراقُ المظلّاتِ في الصّيفِ ، * الخارطةُ الخامسةُ: صول صلواتُ العشبِ احتجاجاً على الأسْفَلتِ ، صوامعُ النّملِ لإقرارِ خُطّةِ الصّيفِ ، صورُ العائلةِ البيضاءُ والسّوداءُ تلوِّنُها ذاكرةُ القلبِ ، صباحاتُ الأعيادِ هيَ رئاتُ الرّئاتِ ، صهيلُ المغاراتِ منطلقٌ من أفواهِ نقوشِها ، وصَلْصَالُ طينٍ يُشكّلُهُ حفيفُ شجرٍ غبيٍّ بهيئةِ فأسٍ ، * الخارطةُ السّادسةُ: لا ليوثُ عينيكِ تفترسُني في قفصِ القصيدةِ ، لاءاتُ المظاهراتِ مصفوفةٌ أمامَ دساتيرِ الحاكمِ ، لعبةُ اختباءِ الطّلقةِ في سترةِ المسدَّسِ الكاتمِ ، لهيبُ الممالكِ يُرشدُ الخطوةَ الآمنةَ ، لوحُ جليدٍ يتربَّصُ بهِ شعاعُ شمسٍ ، ولباسُ المآذنِ من حَمَامٍ ، * الخارطةُ السّابعةُ: سي سطوري قوافلُ من ذهبٍ ، سمائي جوهرةٌ مسبَّعَةُ النّقاءِ ، سلالي تلالٌ ربيعيّةٌ مقلوبةٌ ، سيوفي من حديدِ الكلامِ ، ساحاتي فارسُها النّسيمُ ، سؤالي إجابتُهُ سؤالٌ ، وسطوعي يُعمي الشّموسَ ، * شوبانُ يعزفُ كمن يطاردُهُ البحرُ ، ويداهُ تمسّدانِ جلدَ الحمارِ الوحشيِّ ، وشوبانُ لم يفعلْ شيئاً سوى التّنزّهِ بأصابعِهِ وهي أعناقُ الزَّرَافاتِ ، * الطّيورُ تحسبُ سلكَ الكهرباءِ وترَ كمانٍ ، الثّيابُ الأنثويّةُ القصيرةُ تتلوّى ولا تجِفُّ لأنّ حبلَ الغسيلِ وترُ كمانٍ ، وحبّةُ جوزِ الهندِ تكلِّفُ قاطفَها ما لا يحبُّ ، تترنّحُ لكن لا تسقطُ لأنّ غصنَها وترُ كمانٍ ، * تأمّلوا خارطةَ العراقِ ، تبدو مثلَ آلةِ تشيلو ودجلةُ والفراتُ وترانِ فيها ، وقد عزفَ عليهما الجميعُ حتّى جفّت الأهوارُ ، 2016-09-26 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet