آلة العولمة،المتن و الأطراف: الصادق قايدي – فوشانة – تونس 22 يونيو,2016 الصادق قايدي – فوشانة – تونس تحمل كلمة “العولمة” تحمل مدلولات متعددة حسب السّياق الخاصّ الذي تستعمل فيه وحسب نيّات المتكلّم .لذلك نلاحظ غموضا في تحديد الحقل الدّلاليّ و السّيميائيّ للمصطلح من جهة ٱرتباطه بالحقبة الزّمنيّة التي ظهر فيها و الثّقافة المنتجة له، إضافة إلى الظّروف السّوسيوـ اقتصاديّة الحافّة به. فالبلدان الصّناعيّة وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة استعملت التّصوّر السّابق الذّكر لتبيّن عن طريق التّعمية الإعلاميّة تفوّق الثّقافة الليبراليّة الجديدة على الخصوصيّات المحلّيّة لشعوب الأطراف. حينئذ كانت الانطلاقة من الصّراع الحضاريّ بين المركز و المتن أي بين القطب و الهامش المتخلّف المتّهم أصلا بالإرهاب . غير أنّ العولمة تكتسي من جهة أخرى مفهوما متناقضا مع ما سبق لأنّه جاء في ثوب إنسانيّ ظاهره تجاوز الحدود الإثنيّة و العرقيّة يُحلّه في سماء الإبداع الحرّ الخلاّق . و في تصوّرنا يتجسّد مفهوم العولمة أوّلا في تمكين مواطني الكرة الأرضيّة من الوصول إلى ٱخر ما وصلت إليه التكنولوجيات المتطّورة مثل التّواصل الحرّ على الشّبكات الاجتماعيّة و التّمكن من مصادر المعلومة التي ينبغي كذلك أن تغذي المؤسّسات التّربويّة.أي إنّ العولمة المنشودة هي التي تعمل على تثبيت العوامل الثّقافية و التّراثية و الرّوحيّة. فعندما يحلّ المعرفيّ في محلّ السّياسيّ تتمتٌن الرٌوابط الاجتماعيّة و الأخلاقيّة لتعطي دفعا جديدا للاتّحاد و الحوار الدّوليّين بعيدا عن نظام ٱحادي القطبّية المرتكز على”انتفاخ الذّات” والإيغال في الأنانيّة والولاء للمصالح المادٌيّة دون سواها. العولمة كما نتصّورها مظهر أخلاقيّ فكريّ يعطي الإنسان العاقل موقعه الحقيقيّ في العالم فيضفي على المحيط طابعا جماليّا ،محافظا بذلك على التّنوّع البيولوجيّ.وهذه، في الحقيقة، ثقافة عضويّة من المستحسن أن يتلقّاها الشّباب و الأطفال في المدارس و الكلّيّات لتصبح ناموسا للتّعامل الخلاّق مع الغابات و المحيطات و التّراث. لكن من المؤسف أنّ آلة العولمة السّائدة اليوم دمّرت البنى الثّقافيّة و قولبت الأذواق و التّعامل الاجتماعيّ إلى درجة إضعاف الرّوابط الأسريّة و رتقت مكوّنات المجتمع التّقليديّ المتصالح إلى حدّ ما مع الطّبيعة.فإذا المعايير أضحت تستند إلى المصلحة الفرديّة و توحّش سوق الرّبح السّريع. لقد طحنت سياسة القطب الواحد مجتمع المعرفة في الاتّجاه الواحد، متجاهلة التّنوّع الثريّ للٱخر. فتطوّر المقدّرات الإبداعيّة للإنسان تحفزه على تحقيق التّوازن بين القفزة التكنولوجيّة و الوفاق مع بيئته. لكن في الوضع الرّاهن قد اهتزّت العلاقات بين الأجيال فأصبحت تصادميّة.وهو ما أدّى إلى استقالة الأسرة وتخلّيها عن دورها التّربويّ أمام تيّارات الإعلام و قوى أخرى خارجة عن التّربية. أمّا في ما يتعلّق بظاهرة “تسليع البشر” فقد أصبحت الحكومات و الد”ول ذ ترتهن إلى إملّاءات الشركات العابرة للقارٌات و الدّول المانحة و اليد العليا أقوى من البد السفلى مثلما يقال.وقد نظّر لهذه الفكرة الأمريكيّ”هنتجتون” الذي أعلن نهاية التّاريخ عند انهيار حائط برلين لأنّه اعتمد خطوط التّقسيم الثّقافيّ الذي يعتبره صراع حضارات لا غير وهي نظرية عرجاء تعتمد رؤية بعين واحدة”أحاديّة القطب” ديدنها زرع الحروب و تفكيك الشّعوب للسّيطرة عليها من جديد. لقد خلقت آلة العولمة جيوبا جديدة للفقر فتضاعفت البطالة و أصبح مفهوم التّطوّر مجرّد حلم بعيد المنال و تنمية كاذبة . محصّلة القول أنّ العولمة معرفيّة أساسا لأن الاقتصاد القويّ يعتمد على عقول أبنائه و ليس على عقلائهم فحسب كذلك على نمط جديد للتّعليم و التّكوين و التّدريب. 2016-06-22 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet