قلعةُ باشطابيا* : شعر: عبد الله سرمد الجميل – الموصل – العراق 17 أبريل,2016 عبد الله سرمد الجميل – الموصل – العراق القلعةُ الأولى: ما الذي يجعلُ اللّيلَ أبيضَ ؟ – قمرٌ تافهٌ بحجمِ عُشْرِ مأساتِنا ؟ – لا … – سفينةٌ بلونِ الفضّةِ ؟ – لا … – قلعةٌ بطعمِ الحصارِ؟ – – لا … – قبلةُ البرتقالِ وفانوسُ الحكواتيِّ ؟ – لا … ما يجعلُ اللّيلَ أبيضَ ، فتاةٌ تتأمّلُ القمرَ ، أو سفينةٌ للنّازحينَ تبزُغُ من فُوّهةِ الوقتِ ، أو جثّةٌ بخاصرةِ القلعةِ ، أو دخانُ قصفٍ يلتحفُ الدّمعةً ، * القلعةُ الثانيةُ: في برجٍ غربيٍّ من أبراجِ قلعةِ باشطابيا ، استقرَّت الرّصاصةُ في قلبِ الجنديِّ الخافرِ ، وعلى شِعَابِ الجبالِ لمعتْ خُوَذُ الأعداءِ ، ودوّى الصّهيلُ في هياكلِ البناءِ غيرِ المكتملِ ، كانت آخرُ كلماتِ الجنديِّ الخافرِ: من يغسِلُ مطرَ العراقِ ممّا عَلِقَ بهِ من بارودِ الغدرِ ؟ الآنَ أطلبُ كاميرا العرضِ البطيءِ ، لأرجِعَ الزّمنَ بِضْعَ ثوانٍ وأُوْقِفَ هذهِ المهزلةَ ، * القلعةُ الثالثةُ: إنَّ قلعتَكِ التي تتوضَّاُ بالنارِ عندما أقتربُ ، سيُشرِّعُ حرّاسُ أنوثتِها الأبوابَ لخيولي القادمةِ من البحرِ ، خيولي التي ستملِّحُ الصّدوعَ في الأسوارِ ، خيولي التي ستتوضَّأُ بالجلّنارِ ، * القلعةُ الرابعةُ: يا حارسَ القلعةِ نَمْ مطمئنّاً ، فالحجارةُ التي مسَّدَتْها يداكَ عينٌ لا تخونُ ولا تنطفئُ ، والجدرانُ التي يمسُّها غيرُ أهليها ستنتحِرُ ، وهواءُ القلعةِ الرّائقُ سيمسي خانقاً إذا تسلّلَ أحدُهم ، والرّمالُ ستبتلعُ من يجرؤُ على الخطوةِ الخائنةِ ، * القلعةُ الخامسةُ: لن أكونَ قلعةَ رملٍ ساذَجَةً على الشّاطئِ تُحطِّمُها الأمواجُ ، لن أكونَ قلعةً للسّائحينَ يزعجونَها أنّى يشاؤُونَ ، لن أكونَ قلعةً مهجورةً تُمارَسُ الخَلَوَاتُ في أقبائِها ، لن أكونَ قلعةً مشوَّهَةً تدلُّ على الضَّعْفِ ، سأكونُ قلعةً عصماءَ لا طريقَ منها ولا طريقَ إليها ، قلعةً مزخرَفَةً أسوارُها بالنّجومِ ، قلعةً يشيرُ الجميعُ إليها ولا يصلونَها ، * القلعةُ السّادسةُ: قلعةُ الرئيسِ ثقيلةٌ ، لكنّها سهلٌ حملُها في فقاعةِ الصّابونِ التي يلهو بها الأطفالُ ، قلعةُ جسدِكِ من حجرِ الماءِ ، قلعةُ الصّقرِ من حجرِ الهواءِ ، قلعةُ الحصارِ من حجرِ السّهرِ ، * القلعةُ السّابعةُ: القلاعُ التي تلوِّحُ لي بالغربانِ لن أدخلَها ، القلاعُ التي يدّعي أقزامُها الشِّعْرَ سأنزلُ علَمي عنها ، والقلاعُ التي يعجِنُ الرّصاصُ مسامّها لن أستنشقَها ، * القلعةُ الثّامنةُ: في اليومِ الثامنِ من أيّامِ الأسبوعِ ، كانت الحيتانُ تتقافزُ فرحاً ، والشّاعرُ قالَ: ماذا لو امتدَّ بي بصري بعيداً بعيداً حتّى ألمحَ قلبي ، في اليومِ الثّامنِ من أيّامِ الأسبوعِ ، تقرُبُ غيمةٌ غامقةُ الظلِّ لتُرضِعَ قلعةَ الشّاعرِ ، حيثُ القصائدُ تسطَّرُ بدمعِ الطّرائدِ ، * القلعةُ التّاسعةُ: قبلَ أن تشيِّدَ قلعتَكَ في العراقِ ، قلْ للمهندسِ: خطِّطْ لي ممرّاتٍ سرّيّةً للهروبِ فالغدرُ وراثةٌ ، قبلَ أن تشيِّدَ قلعتَكَ في الصّحراءِ ، قلْ للمهندسِ: خطِّطْ لي نافورةً أندلسيّةً فالعزلةُ ذئبٌ ، قبلَ أن تشيِّدَ قلعتَكَ في جسدِها ، تأكّدْ أن تربةَ جلدِها طريّةٌ نديّةٌ مشبعةٌ بالقُبَلِ ، وقبلَ أن تشيِّدَ قلعتَكَ سوراً خلفَ سورٍ خلفَ سورٍ ، تأكَّدْ أن تتركَ نافذةً في الجدارِ ، علَّكَ تحافظُ على شيءٍ من ذلكَ الإنسانيِّ فيكَ ! * القلعةُ العاشرةُ: أينَ ذاكَ الحاكمُ العادلُ الذي إن أصابَ الرّعيِّةَ داءٌ ، قالَ: لا تخرجوا من قلعتِكم كي لا تنشروهُ ، أينَ تلكَ القلعةُ التي عدَلَتْ فأمِنَتْ فنامَتْ ؟ *قلعة باشطابيا قلعة قديمة تقع في الجانب الايمن مدينة الموصل في محافظة نينوى في شمال العراق على ضفة نهر دجلة الايسر ويعود تاريخ تاسيسها في القرن الثاني للهجرة. 2016-04-17 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet