العلاقات بين البشرأو طريقُ المياهِ : شعر: باتريك برتا فورقاس – شاعر فرنسيّ – باريس 19 فبراير,2016 باتريك برتا فورقاس – شاعر فرنسيّ – باريس بصراحةٍ الغربُ ذو الألوانِ الشّبَحيّةِ المهدَّدةِ … مَرَائي صغيرةٌ انفضَّ من حولِهِا الأصدقاءُ وجوهُ المحيطاتِ والبحارِ القاتلةِ الزّرقاءُ شاحبةٌ كتابُ النّفيِ الكبيرُ يضيفُ إلى صفحاتِهِ سطورًا راسمةً الدّمُ ينزفُ من الظّهورِ المستندةِ إلى الجدارِ وبعدُ هو ذا الانعكاسُ الصّادرُ ضدَّهُ حكمُ التّرحيلِ تعليق محمّد صالح بن عمر: باتريك برتا فورقاس هو من أغزر شعراء فريقنا إنتاجا وأكثرهم مواظبة على الحضور في فضائي هذا منذ ستّ سنوات.وهو ما أهّله ليكون أحد الشّعراء المنتخبين الذين خصّصت لهم الكتب الفرديّة الخمسة الأولى في سلسلتي ” وجوه شعرية من العالم” . ولكنّ حضور هذا الشّاعر المستمرّ وغزارة إنتاجه الماثلة في كثرة مجاميعه الشّعريّة لم يؤثّرا البتّة سلبا في نصوصه .بل على العكس من ذلك قد كان لقدراته التّخيّليّة الخارقة وطول تجربته التي انطلقت حوالي سنة 1971 إسهام بعيد المدى في تمكينه من نحت أسلوب له مخصوص يمكن تعرُّفُهُ حتّى في غياب إمضائه. وهذا في تقديري العلامة الوحيدة ذات المصداقيّة على تمتّع إنسان ما بموهبة حقيقيّة .وما الموهبة بالجودة وحدها لأنّ الجودة في متناول الآلاف. هذا الطّابع الخاصّ يلوح في الدّقة الفائقة التي بها ينتقي المكوّنات الدّلالية لقصائده وينسج الخيوط الرّابطة بينها.وهذه المكوّنات هي في الأغلب الأعمّ من جنس إيحائيّ يوظّفها لحمل القارئ على المشاركة النّشيطة في إنشاء نصوصه. في هذه القصيدة، على سبيل المثال، – وهو يتناول فيها مسألة إشكاليّة هي العلاقات القائمة بين البشر وخاصة بين الغرب وبقيّة أنحاء العالم – ينطلق ، كما عوّدنا دائما، من خلفيّة فلسفيّة، شخصيّة، صلبة ، قوامها الاعتقاد أنّ الذّات البشريّة ينخرها داء أصليّ، مكين يدفعها على الإساءة إلى نفسها وإلى فصيلتها وإلى العالم الذي تعيش فيه.وهو ما جعله يستخدم على نحو مكثّف الألفاظ والعبارات الموحية بمختلف ألوان العنف والوحشيّة المتأتّيتين من ميل الإنسان الفطريّ إلى الأذى (انفضَّ من حولِهِا الأصدقاءُ – وجوهُ المحيطاتِ والبحارِ القاتلةِ – النّفيِ – الدّمُ ينزفُ من الظّهورِ –الانعكاسُ الصّادرُ ضدَّهُ حكمُ التّرحيل…. ) دون الوصل بين هذه العناصر اللّغوية بروابط منطقيّة ظاهرة .وهذا من شأنه أن يدفع القارئ الذي يثير النّصّ اهتمامه على محاولة الكشف عن الروابط الخفيّة الكامنة في بناه العميقة ليهتدي إلى دلالته الجُمْليّة. وهكذا فمن الدّلالات الممكنة لهذه القصيدة، على سبيل المثال، الحلم الذي يحدو آلاف المسافرين المخالفين للقانون ، الفارّين من بلدانهم من جرّاء الفقر أو الحروب، أولئك الذين يعرّضون حياتهم للخطر لأجل بلوغ الضّفّة الشّماليّة أو الإرهاب الأعمى الذي يعبر القارّات ليسدّد ضرباته في تلك الضّفاف نفسها. لقد صمّم الشّاعر هيكل هذه القصيدة ووضعه في موضعه.وما على القارئ إلاّ أن يعرف كيف يكمل التفاصيل. 2016-02-19 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet