أنا وابنتي ( Moi et ma fille) شعر: صولان دي لامرليي (Solène de la Marlier ) – شاعرة فرنسيّة – باريس 15 يناير,2016 صولان دي لامرليي (Solène de la Marlier ) – شاعرة فرنسيّة – باريس لم تمّحِ من ذاكرتي صورتي وأنا في الثّالثةَ عشْرةَ من عمري امرأةٌ لم تكتَمِلْ طفلةٌ تتعجّلُ النُّضجَ قبل الأجلْ أتحسّسُ شِرْعتي ، أتلمّسُ جهاتي غضةٌ،صبيانيةٌ في قراءاتي كنت في مراهقتي لا غايةَ أَنشُدُ في حياتي أحبُّ “تنتانَ”*و”أوليفيي تويستَ”* وأمنحُهما ثقتي وخالصَ مودّتي لا أنكرُ أنّي وإن كنتُ تقيّةْ وذاتَ سريرةٍ نقيّةْ كنتُ خبيثةً ، ضَحوكًا ،ساخرةْ لكنْ هَشّةً تنال منّي الظّروفُ القاهرةْ وتنسكبُ عبراتي في كلِّ أحوالي المِزاجيّةْ ابنتي اليومَ في مثلِ ذلك العُمُرْ وكلُّ ما حولَنا تغيّرَ والطّيشُ ذاعَ وانتشَرْ فبناتُ اليومَ تكلّستْ همومُهُنَّ يركبْنَ لأدنى سببٍ رؤوسَهنَّ ويَنْسَقْنَ وراءَ جنونِهنَّ فما أجهلني وما أكدَرَني وما أشدَّني حَذَرًا وفتورًا وتهاوُنًا وقُصورًا حين أرى نفسي أمسِ في تلكَ السّنْ وأرى اليومَ ابنتي التّلميذةَ تكبُرُ ولا تكدِّرُ صفوَها محنْ فما أبعدَ شبابَها عن شبابي وما أنأَى زمانَها عن زماني فهي لا تجهلُ عن الدّنيا كلَّ شيءْ بل تعلمُ أنّ الحُبَّ مَسٌّ وجُنون ورَئِيْ ولن تلبثَ أن تصبحَ أمّا في ريعان الشّبابْ وأن تصير أمُّها عجوزًا يؤرِّقُها شبحُ الموتِ والحسابْ تعليق محمّد صالح بن عمر: لقد كان الصّراع بين الأجيال ولا يزال من أشدّ الظواهر تعقّدا في المجتمع البشري ّسواء على صعيد المجموعة أو على صعيد الفرد.ومردّ ذلك إلى التّغيّر المستمرّ الذي يطرأ على العقليّات نتيجة لما يظهر في كلّ حقبة زمنيّة تقريبا من عادات وتيّارات فكرية جديدة ، تلك التي وإن كانت تؤثّر بسهولة في الجيل الصّاعد بحكم حرصه الشّديد على فرض شخصيّته فإنّها تصطدم بمفهوم الحياة وطريقة التّفكير السّائدين اللّذين تتعلّق بهما الأجيال السّابقة. لكن إذا كانت قصيدة صولان دي لا مرليي المنشورة أعلاه تتنزّل في هذا الإطار بالذّات فإنّها تتميّز أغراضيّا بالموقف المفارِق الذي تقفه الشّاعرة – وهي تنتمي عمريّا إلى جيل من أجيال الأمس – من جيل اليوم ممثَّلا في ابنتها نفسها.وهذا الموقف لا يتجسّد فحسب في تفهّمها التّامّ لسلوك هذا الجيل (ابنتي اليومَ في مثلِ ذلك العُمُرْ/ وكلُّ ما حولَنا تغيّرَ/ والطّيشُ ذاعَ وانتشَرْ / فبناتُ اليومَ تكلّستْ همومُهُنَّ / يركبْنَ لأدنى سببٍ رؤوسَهنَّ/ ويَنْسَقْنَ وراءَ جنونِهنَّ ) بل أيضا في غبطة غير معلنة تجاهها وحسرة على ما فاتها من أن تكون مثلها حين كانت في سنّها (فما أجهلني /وما أكدَرَني/ وما أشدَّني حَذَرًا وفتورًا / وتهاوُنًا وقُصورًا / حين أرى نفسي أمسِ في تلكَ السّنْ / وأرى اليومَ ابنتي التّلميذةَ تكبُرُ / ولا تكدِّرُ صفوَها محنْ /فما أبعدَ شبابَها عن شبابي/وما أنأَى زمانَها عن زماني) .وهو ما قد يدلّ على أنّ المتلفّظة التي من المحتمل أنها كانت في صغرها سابقة لعصرها على صعيد المنشود تتماهى هنا على نحو لاواع مع ابنتها .وهذا الاستنتاج إن صح مهمّ عندنا لأنه إن ينير لنا السّبب الكامن وراء تمرّد هذه الشّاعرة على الطّبقة التي تنحدر منها.وهي الطّبقة الأرستقراطيّة التي أطاحت بها ثورة 1789 بفرنسا ، إذ يشكل هذا التمرّد المحور الأساس الذي تدور عليه قصائدها السّابقة. أسلوبيّا لا يتهيّأ اللّون الذي كتبت فيه الشّاعرة قصيدتها هذه – وهو الشّعر ذو الأطروحة الذي يتأسّس على إشكاليّة ورأي مدعوم بحجج – إلاّ نادرا لصياغة الصّور المبتكرة المباغتة .وهو ما يفسّر استعمالها هذه اللّغة القريبة من لغة الكلام في الحياة اليوميّة . 2016-01-15 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet