و غابتِ الشّمسُ :شعر: على الكرامتي – شاعر تونسيّ 30 أكتوبر,2015 إلى روح أمّي التي اختطفها الموتُ يوم 23 يناير 2012 يظلّ المرء صغيرا ما دام أبواه حيين فإن ماتا كبُر على الكرامتي – شاعر تونسيّ نعمْ رحلتْ فاطمه و صارَ الصّباحُ يطيلُ التّلكّؤَ حتّى يجيءَ و يُغمى على الشّمسِ في وضحِ الأفْقِ .. وهي تـمشّطُ أضواءَها كلّ يومٍ و أصبحْتُ أشربُ فنجانَ شايي صقيعًا و لا كعكَ يؤنسُ وحدتـَهُ في الصّواني أطوّفُ في البيتِ وحدي أجولُ بعينـي هناكَ، أجولُ بعيني هنا: غُرفٌ لفّها الصّمتُ… نافذةٌ لا تطلُّ على أيِّ شيءٍ دواليبُ تـجثـِمُ مشدوهةً في الزّوايا على الْجُدُرِ البيضِ ترقدُ ساعاتُنا الحائطيّهْ سريرٌ تثاءبَ فيه الفراغُ تـمطّىّ السّكونُ و أرخى يديهِ على كلِّ ركنٍ مواعـينُ تنعَمُ بين الرّفوفِ بإغفاءةٍ قد تدومُ و قد نَسِيتْ لذعةَ النّارِ و الـمـاءِ .. في رحلةِ الانتظارِ الـمريرِ غـدتْ تستحمُّ بـموجِ الغبارِ الّذي يتهامى من النّافذهْ و في الـمزهريّةِ وردٌ يطأطئُ أعناقَهُ في ذبولٍ و سجّادةٌ في الخزانةِ مطويّة.. تترقّبُ أن تستعيدَ استطالةَ أطرافِها بعدَ طولِ انثناءٍ و ثغرًا يهلّلُ بالذّكرِ و الابتهالِ و مسبحةٌ ما تزالُ معلّقةً و قد شاقها منكِ تسبـيـحةٌ و دعاءٌ.. * * * أتَتْ ليلةُ الـجُـمُعَـهْ و ما دغـدغتْـنـي روائحُ ندٍّ و لا نبَسَتْ بالبَخورِ الـمجامرْ و لكنْ تـجرّدَ سيفُ الـمواجعِ من غِمدهِ و أشهرَ آلامَهُ في دمي و راحَ يشقُّ طريقًا له في ضلوعي و يشرَبُ من أدمعي كأسَ أحزاني الـمُتْرَعَـهْ بكَيْتُ فلا الدّمعُ جفَّ و لا الحزنُ خفَّ.. و لا أُوصدَتْ بعدُ أبوابُ آلامي الـمُشْرَعَـهْ فماذا أقولُ لـمِجمرةٍ تتأجّجُ شوقًا لـمِسبحةٍ تتألّمُ صمتًا لسجّادةٍ تتضوّرُ طيًّا أ أخبرُها أنّ مـملكةَ الشّمسِ تنعَى مليكتَها.. فلمن ننـتـمـي بعد هذا الغيابِ و هذا الخرابِ و هذا الخَواءِ و لا شـمسَ، تَعدِلُ ،مهمـا سَـمَـتْ، شمسَنا و هل في استطاعتِنا أن نتبـنَّـى شعورًا جديدًا يُعوّدُنا أن نهيمَ شعاعًـا غريبًا كأوراقِ صفصافةٍ قادها الـمـاءُ في سيرِه حيث شاءْ؟ لـمـن تستطيلُ السّمـاءْ؟ و تنثرُ أنجمَها في انتظارِ الضّياءْ و كيف سنـضبطُ تقويـمَنا في أماكن.. لا تشرقُ الشّمسُ فيها و لا يعرفُ السّائرون اتّجاهَ الشّمالِ و ماذا أقولُ لهذا الغيابِ الّذي يتحدّى احتمالي و يـهزمُنـي كلَّ مرّهْ و ماذا أقولُ لعينـي الّتـي لن تراكِ و ماذا أقولُ لقلبٍ سيُدمِنُ ذكراكِ طولَ العمرْ و ماذا أقولُ لعمري و قد صارَ في قبضةِ الحزنِ.. يهصرُه كيف شاءْ أنا الآنَ أكبرُ من أيِّ يومٍ مضى أنا الآنَ أضعفُ من أيِّ وقتٍ مضى أنا الآنَ أكبرُ عُمرَا و أكبرُ حزنًا و أصغرُ من أن يداوي شجوني الكلامُ و أعجزُ أن أعتلي صهوةَ الصّبرِ، في محنتي، فارسًا ليس يُـنهكُه الرّكضُ في حَلْبةِ الـمِحَنِ الـمقبلهْ تصدّع من حولي الكونُ و استوحشَ الأمنُ، ساد الظّلامْ توسّد قلبي الفراغً و نامْ كلُّ شيءٍ هنا صارَ لا شيءَ و انتهتِ الـمسألَهْ 2015-10-30 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet