سلالم : قصّة قصيرة لمحمّد أسعد سموقان – اللاّذقيّة – سورية 11 سبتمبر,2015 محمّد أسعد سموقان – اللاّذقيّة – سورية -1- “جسر الحديد انقطع من دوس رجلىَّ ” في الطريق ..ومن الرمل الشمالي إلى الجامعة ، كنتُ أفكِّر فيها ، صديقة تُحبُ الحياة كما تُحب نفسَها ، لا تعرفُ كيف ولماذا أحبتني .. لكنها تعرف أن برجها هو برج الميزان. ويمكن لأي نسمةٍ أن تُرجِّحَ كفةً على أخرى ..صعدتُ الجسر المؤدي إلى الجامعة ..ثمَّ نزلت ..صعدته مرة أخرى وتراجعت..أنا الذي يعرف أن يُلوِّن وينصب شباكاً من نور لا تنقطعُ خيوطها وينصبها! حاولتُ أن أنساها وأنسى الجسور التي جمعتنا ، أمسحُ الماضي وذكرياته ، أنسى المدن التي كوَنّاها سوية ، رغم أنها كانت طينية ويمكن أن نتغنى بها للأبد . -2- رجعتُ متجهاً إلى صالة نقابة الفنون مشياً.. رغم ضيق الحذاء الذي كنتُ ألبسه! وأسئلة كثيرة غريبة ومحيِّرة تختلط في رأسي ..منها كيف للرجل أن يشبه الشجرة . وكيف للعنزة أن تشبه المرأة وللمنزل أن يشبه البقرة أو الضفدع . وفي ما أنا أسير باتجاه الصالة .. صالة العرض ، كنتُ أهتم في أسئلتي لنفسي بالشكل لا بالوظيفة التي يقوم بها .. فهناك كثير من البشر تعتبر تصرفاتهم مرفوضة على الصعيد الإنساني لكن ما أودُّ فهمه هو الشكل الدقيق لهذا الذي يقوم بتصرف ما ! ورغم أن لون الدجاجة التي تبيض ولا شكل القط الذي يأكل الفئران لا يهمان الكثيرين… فقد كان هذا الهم يركب رأسي ! وأحاول أن أبحثَ عن حالات العشق بين المثلث والدائرة أي تأثير كل منهما في الآخر . -3- وصلتُ إلى الجامعة …ومازال شكل الجسر الذي صعدته مرتسماً في ذهني وكلمات أغنية “جسر الحديد انقطع من دوس رجليَّ” تترد في رأسي. كان المعرض للفنان الشاب رانير غرير . وكانت اللوحات الأولى من المعرض عبارة عن سلالم أو جسور حديدية تحيط بالمدينة أو المدن التي شكَّلها الفنان لتكون مركَزاً أو مفتاحاً لأغلب أعماله والخطوط في أسفل المدينة وأعلاها ومحيطها أحياناً مستقيمة ، حادة ،قوية . وهذا ما جعلني أقول إنها حديدية أو فولاذية تشبه كثيراً خطوط جسر الجامعة “الذي انقطع من دوس رجليَّ” ! ودون أن ألتقي بصديقتي .. باختصار يمكن أن نقول إنها من معدن قاس ينكسر …وهو ما حدث فعلا . فقد تكسرت سلالم الفنان في أغلب اللوحات …وأصبح من الصعب الوصول إلى المدينة التي كوَّنها …رغم كثافة الجسور وتراكبها. لقد انقطعت خطوط السلالم … أو أراد قطعها بتصرف دون أن يدري لماذا ؟ -4- لعَّل الشكل الذي بنيته لنفسي والجسر أو السلم الذي صعدته متردداً..لم يوصلني إلى لقاء صديقتي،كما أنّ الأشكال التي بناها الفنان في وسط اللوحة كانت ترفض لقاء السلالم المكسرة،رغم تغير لونها من لوحة إلى أخرى. فالسلالم تبقى مكسورة ولو غيّرنا لونها لنتذكر أن الرمح الذي كان يحمله “بعل” كان مورقاً ليناً ومسند الكرسي الذي جلس عليه الملك نقمند كان مريحاً..وهو مستعد لأن يوقِّع العقود ولنتذكر أن خطوط الأفق والأهلة والشمس.. تصطاد النظر وتشكل سلالم تؤدي إلى العشق, واللون ينتعش عندما يلامس سلالم حيَة شكّلتها خيوط الشمس ويتسلقها. 2015-09-11 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet