حوار مع الشّاعرة السّوريّة سوزان إبراهيم ( الجزء الثاني ) : على الكاتب أن يكون رسول حبّ وسلام وتغيير. 11 سبتمبر,2015 لشّاعرة السّوريّة سوزان إبراهيم *يرتكز شعرك أسلوبيا على القفلة الفنية المباغتة وأغراضيا على تصوير مواقفك الوجودية من الذات والآخر والكون .فهل هذا اختيار ينبع من خلفية فكرية ؟ أم هل هو توجه عفوي فرضته ذائقتك الجمالية الخاصة وبنيتك النفسية ؟ **لا يمكن للغة الشاعر أن تقف وحيدة بذاتها باعتبارها كائنا لغويا فقط.. لغة الشاعر تحمل بصمة وعيه وكل ما اختمر في خلفيته الثقافية.. فمن حيث أنا شاعرة لي موقف ورؤية من كل شيء أتفاعل معه إن كان ذلك فكراً أو أحداثاً ووقائع يومية. أحياناً يكون الشعر حالة فنية عالية التحليق في أجواء التأمل والتصوف.. وأحياناً يكون صوت المقهورين أو اليد التي ترتفع ك”فيتو” على كل ما يجري.. والخلاصة أنّه لا يمكن أن يكون كل ما أقوله في قصائدي عفوياً.. إنه نتيجة طبيعية وحتمية لكل تجاربي في الحياة.. وهذه التجارب والقراءات والفضول المعرفي هي ما يشكل في نهاية الأمر طريقة تذوقي للشعر وللحياة. *لئن قرأت كل شعرك المنشور في كتب وعلى الفايسبوك فإني لم أطلع بعد على قصصك (وسأطلع عليها دون شك) .ألا ترين أن مهجة الشاعر تختلف عن مهجة الكاتب السردي؟ فهذا يميل إلى رصد اللحظات الهاربة وذلك يتصرف في مادة حدثية ووصفية تلصقه رغم أنفه بالواقع المعيش .فكيف توفّقين بين المهجتين ؟ وبصراحة أتحسيّن نفسك شاعرة في المقام الأول ثم قاصة في درجة ثانية أم العكس؟ ** الشعر والسرد حقلان من حقول التعبير التي تتاح للمبدع .. ونحن مازلنا نبحث عن مواطن جديدة لأوجاعنا وأحلامنا.. في القصة ،كما قلتَ، اقتراب من الحدث الواقعي يحتاج إلى محاكمة عقلية لرصد مصائر الشخصيات أو ترابط الأحداث والمحافظة على التشويق كذلك.. إنها غالباً فعل واعٍ وقصدي.. في الشعر يختلف الأمر بنسبة ما، هنا تتأجج حرائق الشعور.. هنا يأتلق كريستال التأمل.. أحياناً تملي الفكرةُ على الكاتب شكلَها وحقلها. جرّبتُ القصة القصيرة وأنجزت فيها ثلاث مجموعات، لكنني أحسست أن مشروعي فيها استنفد طاقته، فتوقفت. بدأت شاعرة بإنجاز مجموعتي الشعرية الأولى عام 2003 “لتكن مشيئة الربيع”، وبعد محطة في القصة القصيرة دهمني الشعر مرة أخرى, بل يمكنني القول إن الشعر كان موجوداً دوماً حتى في قصصي. كنت ومازلت أتلقى العالم وما حولي بإحساس شاعرة.. نعم أنا شاعرة أولاً. *استطاع صوتك أن يخرق الحواجز القائمة بين الثقافتين العربية والغربية بصدور مجموعتك قلبي الطائر بباريس ووصول صوتك إلى قراء جدد لا يعرفون اللغة العربية .فهل يفرض عليك هذا الإنجاز أيضا مسؤولية جديدة ؟ ** يحلم الكاتب دوماً باختراق حدوده الوطنية والإقليمية ليحلّق بجناحي أفكاره وقصائدهّ، كما في حالتي كوني شاعرة،إلى فضاء أرحب.. وأن يتشارك مع آخر مناطقَ يزدهر فيها السلام والحب.. بالكلمة نبني الجسور.. وفي عصرنا هذا نحن بحاجة ماسة لبناء الكثير من الجسور بين ضفتي المتوسط أولاً، وبين الشمال والجنوب ثانياً، وبين الشرق والغرب ثالثاً.. هنا تتألق الترجمة باعتبارها حاملا أول وأساسيا لبناء هذه الجسور بين الشعوب .فالآداب والفنون هي ضمير الشعوب, وحين نترجمها نكتشف المشتركات الإنسانية بين شعوب الأرض. سعادتي كبيرة بتحليق “قلبي الطائر” إلى ضفة أخرى.. أتمنى أن تجد ذائقة هذا الآخر البعيد ما تتفاعل معه وتتأمله. أعود لأكرر أن الكاتب جزء من ضمير الإنسانية لأنه المجسات واللواقط الحساسة الرهيفة للناس وللأفكار وعليه دوماً وأبداً أن يكون رسول حب وسلام وتغيير. أجرى الحوار : ناجي علولو 2015-09-11 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet