في رنْدَة قرية الشّاعر الأندلسيّ أبي البقاء الرُّنديّ

مدينة رنٌدة – الأندلس

الجسر الجديد بمدينة رٌندة – الأندلي

يرجع تاريخ رُنْدة التي كانت في ما مضى قرية إلى العهد الفينيقيّ.وهي اليوم مدينة يزيد عدد سكّانها على ال50.000 ألف ساكن. وعلى الرّغم من أنها تابعة إداريّا لمقاطعة مالقة فتفصلها عنها سلسلة طويلة من الجبال تجعل الوصول إليها صعبا .وهي تقع على هضبة صخريّة عالية يشقّها إلى شطرين صَدْع عميق في شكل هوّة سحيقة لكن يمكن اجتيازه بفضل جسر يُطلق عليه اسم “الجسر الجديد”.
ولقد ظلّت رندة طيلة ثمانية قرون تحت الحكم العربيّ إلى أن احتلّها الملوك الكاتوليكيّون سنة 1485 قبل استيلائهم على غزناطة بسبع سنوات أي سنة 1492.
في هذه القرية سابقا ولد الشّاعر الأندلسيّ أبو البقاء الرُّنديّ الذي ظلّ اسمه منتشرا في العالم العربي منذ ذلك الحين إلى اليوم بفضل القصيدة الهمزيّة الطّويلة التي نظمها في رثاء الأندلس وبكى فيها سقوط مدنها الأولى (طليطلة سنة 1085 – قرطبة سنة 1236 … )على الرّغم من أنّ رندة لم تقع في أيدي الملوك الكاتوليكيّين إلاّ بعد أكثر من قرنين. وممّا جاء في هذه القصيدة الأبيات الأولى التّالية:

لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نُقصانُ
فلا يُغَرُّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هي الأيّامُ كما شاهدتُها دُولٌ
من سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدّارُ لا تُبقي على أحدٍ
ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ
يمزِّقُ الدّهرُ حتمًا كلَّ سابغةٍ
أذا نَبَتْ مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضى كلَّ سيفٍ للفناءِ ولو
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدانُ
أين الملوكُ ذَوو التيجانِ من يَمَنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
*سيف بن ذي يزَن : ملك من ملوك اليمن عاش في القرن السّادس بعد الميلاد و غُمدانُ : اسم قبّة كان يسكن فيها أو اسم قصر له.

ولقد توفي هذا الشاعر في قريته سنة 1285.
أمّا البلدة في حدّ ذاتها فهي لا تزال تحمل بصمات العهد العربيّ.وذلك ماثل في الكثير من الأبنية التي استعمل فيها بكثافة فنُّ الزخرف العربيّ لا سيّما الأقواس والتّوريق .وكذلك داخل البيوت التي تذكّرنا بيوت مدينة تونس العتيقة حيث عدد مهمّ من السكّان ينحدرون من المهاجرين الأندلسيّين الأوائل.
ولقد أعجبتني في رندة عادة ذكيّة. وهي أنّ كلّ عائلة تُرزق مولودا جديدا تَغرس في يوم ولادته خارج بيتها شجرةً وتثبتُ في حوضها صفيحة معدنيّة صغيرة تنقش فيها اسمه ولقبه ثمّ تظل تتعهّد الشّجرة بالسّقي والرّعاية إلى أن يكبر الطّفل فيتولّى العناية بها طيلة حياته.

في مدينة رُندة بالأندلس ( 12 أوت/آب/أغسطس 2015 )

في مدينة رُندة بالأندلس ( 12 أوت/آب/أغسطس 2015 )

في مدينة رُندة بالأندلس من داخل بيت ( 12 أوت/آب/أغسطس 2015 )