حوار مع الضوء: قصّة قصيرة لمحمّد أسعد سموقان- اللاّذقيّة – سوريّة 27 يوليو,2015 محمد أسعد سموقان وضعتُ القماشة على اللوح الخشبي الذي اعتدتُ أن أرسمَ عليه،..كانت الأدوات من سكاكين وفراشٍ وخرق مكّومة بطرق حرة . وضعتُ في البداية ..الألوان الحامضية فوق الأساس الأبيض ،وهذه المرة لم أحاول تغطية كامل المساحة .. فتركت بقعاً بيضاء بلون القماشة ،أملاً أن تكونَ نوافذَ أو سلالمَ تستعدُّ لصعودِ أشخاص يتهيأون لحصاد الضوء! بدأ الحوار بوضع لونٍ فوقَ آخر..أتوقفُ فأتلذذ بحلاوة النسيج كمرارته..ثم أعود لألامس الضوء بالأخضر والبنفسجي..فيستحي ويخفف من حدته،ولم أرد في تلك اللحظة أن أحدد أي شكل من الأشكال. لكنه الضوء كان ينفذ ليرسم شكل ورقة ،أو غصن شجرة سنديان أو دلب.. يتجاسر أحيانا..ويخط نافذة في أفق الغابة.. وعندما أغيب قليلاً.يداعب شخصا يشبهني ولا ينسى أن يبني له أو لي مدينة من الأنوار. ابتعدت ورحت أصرخ.. اتركيني أيتها الأوراق المبعثرة هنا..وهناك,،فلم أعد أدرِ لما هو سحرك آسر إلى هذا الحد؟! ولمَ الضوءُ يتلذذ بتوزيعكِ في الأسفل والأعلى؟! ولم يقبّلك من أسفل قدميك إلى أعلى رأسك؟ فترتسم قبلاته حولك..مباشرة..هكذا..أمام الجميع. مسحت يديّ المنتشيتين بالنفط وابتعدت أراقب تلك المستلقية وطيف فوسفوري يحيط بجسدها.. وينعكس الأحمر والأخضر والأزرق..فيبدو شفافاً أبيض كالثلج! الآن عرفت لماذا أنتَ أيها الخط اللامتناهي ,تتحرك مخدوعا بدمك المضيء أسيراً لذاتك الحية..تحيط بك الأغصان والأوراق ،تتمرد عليك جذوع الأشجار وتتمرد عليها .. تحب الظهور ..كما تحب الاختفاء فتفتح آفاقاً لا محدودة من دروب لا متناهية ، وأعلم أنك: تتلذذ بصيد يخطو خلفك ..حين تدخل في جسد بحيرة أو شق أرض ! ويعود لونك وضياؤك فوق التلة وفي أعلى الشجرة. أأنت ترسم الضوء؟أم أن الضوءَ يرسمك ؟!! شرايين لجسد الغابة والبيوت والنوافذ والهضاب والسهول.. تمدها بالماء والهواء والنار والتراب ..وقت تشاء.. وتتباهى بمجدك وتقنيتك. لا تتخل عن تلك الكرات المضيئة.. ولا تنس أنك شكلت أصابع الأطفال،صانعي كرات النور فوق القدس ,وكرات اللهب والنار ..فالنور الذي سال في جذوع الحور والدلب ،فزادها ألقا .. يمكنه أن يسيل في شجر الرمان ، ولا ينسى الثمار ،فيزيدها بريقا وبرقا . ويمكنه أن يكون شرايين أيدي الأطفال ،التي تحمل كرات النور المتصلبة ,إنها الجمر والحجر.. 2015-07-27 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet