التّوتة قصة قصيرة لمحمّد أسعد سموقان – اللاّذقيّة – سورية 19 يوليو,2015 امحمّد أسعد سموقان لتقيته..سلَّم عليَّ بمودة..كانت حرارةُ اللقاء عاليةً،تكلَّم عن الطفولة والمدرسة، وكعادتي كنت قد نسيت اسمهّ، لأني تعودت على حفظ الإشكال أكثرَ من الأسماءّ، ولو أن الاسم يؤثِّر في الشخصية وفعلها… تابع كلامه بصوت مرتفع ..عن تاريخنا الطفولي ..! اجتاحتني أنانية أن أُخْفِضَ صوته بما يناسب عيار أذني،كي لا يلهيني الصوت عن مراقبة وجهه، حيثُ الزمن يحفر تضاريسه في الجبهة والخدود ويرخي جلد الرقبة..استطعتُ أن أتقَّرى وجهه لقد تذكرته ! وبدوري.. رحت أحكي له بعض تلك القصص، والالعاب الطفولية، حين كنا نخترع ألعابنا، نصنع دمى من الطين والقماش والحجر الرملي والصدف، ونصنع العجلات من الأسلاك المعدنية ونزيّنها بالخرز والصدف الذي نلمّه من على شاطئ البحر .. – أدعوك إلى زيارتي،وإني مصرٌ على ذلك .. – أين تسكن يا أحمد؟ – قريب من هنا.. في شارع الجمهورية قرب التوتة ! – أي توتة..؟.. إيه..التوتة لقد عرفتها ! قررتُ زيارته… وصلت إلى ساحة هارون التي هي ليست لهارون أكثر مما هي لحسن وخالد ومنى ، وهي كذلك الساحات الأخرى كساحة حلوم..والعلبي..والأزهري ..للأسف هكذا هي الساحات ومواقف الباصات وبعض الأحياء كحي الدعتور والسكنتوري والرمل والأميركان..تأخذ أسماءَها صدفة. – قرب التوتة ..التوتة ، هذا الاسم جعلني أتذكّر موقف حواء والمعهد والرمانة باتجاه المشروع العاشر ..ثم شقيعة والجسر والجمعية في الطريق المؤدّي إلى الشاطئ الأزرق… تذكرت أيضاً “لوشاتو” في آخر خط المرديان .. وهكذا راح ذهني يجوب بين الأسماء وكنت أتألم .. وهي أسماء ..جاهزة لمحو ذاكرة المدينة السياحية! – وصلت إلى التوتة المباركة ..التي أغنت بائع الفلافل الذي عمل تحتها طًويلاً.. وهي بالنسبة إليه شجرة الحياة.. قررَ أن يردَّ لها الجميل فأحاطها وزخرفها بسياج معدني مع باب وقفل ولفَّ جذعها و وزع الأضواء والأنوار عليها وأصبحت كشجرة ميلاد دائمة .. – وهي تذكِّر بشجرة الحياة رمز الحياة والحب والخصب، والشجرة وجدت في التشكيل السوري على أختامها واقعية ومجردة، تعبيرية وسريالية ووحشية.. ووُجِدَت أغصانها مختصرة إلى خطوط تنتهي إلى ثمار كروية وجذورها هي كذلك تنتهي إلى كرات، وعلى جانبي الشجرة نلحظ متعبداً يمد يده إليها ويمسك بالأخرى وعاء فهو يتبارك من الشجرة ويقدم نذوراً للشمس المجنّحة، أول الأهلّة التي ترمز إلى (إله القمر سن) أو للنجمة الثمانية رمز( إلهة الحب) .. تلك هي بعض من خصائص التشكيل السوري نراه الآن واقعا أمامنا .. التوتة هذه تحقق دلالتها بحضورها القوي مع بائع الفلافل الذي يعمل تحتها وتحقق حضورها بغياب بقية الأشجار التي يستدعيها الذهن كالبلوط والسنديان والزيتون… – فطوبى لشجرة الحياة المقدسة ..وطوبى ليد بائع الفلافل التي زينتها… – أما ماذا نقول عن ساحة العلبي وهارون والأزهري يرعاكم الله ؟!!!!!!!!! 2015-07-19 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet