الشّاعرة السّوريّة أميمة إبراهيم: القصّة والشّعر جناحان يحملانني 30 يونيو,2015 معتصمة بخيوط حنين، مطلة من شباكها على مطر ترك عطراً، ولا تنتظر إلا بمقدار ما تنهمر، تحب أن يباغتها فوج سماوي كأن يكون حماماً زاجلاً مثلاً، وتمشي بلغتها العارمة حناناً إلى ساحة يجتمع فيها العشاق كما الأسراب، فتطعمهم خبزاً وتنادي أيا شوارع أين أنت ؟ أين الأصحاب والأقلام والطاولات المتخاصمة شعراً ونقداً ؟ أين صرت يا غزالات تعثرت وظلت عيونها تبتسم؟ لكل تلك النداءات الشجية، للحزن منثور للدمع وقد صار قوافل، للياسمين المبتعد، للينابيع تدندن، للروح العطشى للثلج والجمر، لنشيد الصفصاف والنعناع، لكل الطبيعة والجمال كتبت الشاعرة أميمة إبراهيم قصائدها فأصدرت ديوانين (مقام للحزن مقام للبكاء، نايات القصيدة غزالات الروح) كما كتبت للأطفال عدة مجموعات منها (كيف صارت الأحلام حكايا، أسرار الأم والقمر، على جناح قوس قزح، غيمة وأغنية). للحديث عن الشعر وطقوسه وغربته وانتصاره أجرينا هذا الحوار مع الشاعرة: • الآن والحرب مشتعلة في وطننا وملء وقتنا هل تغيرت طريقتك في الكتابة هل تغيرت طقوسك ؟ • • في وطننا وملء وقتنا تحاصرنا الحرب وتكبر الأزمة يوماً بعد يوم ويزداد أوارها لم تتغير طريقتي في الكتابة لكنني على سبيل المثال ما عدت أستطيع أن أضع طاولتي في فناء داري تحت الياسمينة لأقرأ وأكتب مستمتعة بعبق الياسمين ونجومه البيض تتناثر بين كلماتي… صرت بحاجة لنقطة آمنة تقيني رصاصة طائشة أو قذيفة مجنونة وصار عقلي مشتتاً بين أولادي وزوجي وإخوتي وأصدقائي وصار الخوف غولاً يقتات قلوبنا جميعاً. الكلمة الصادقة تبني وطناً الكتابة جرو يعض العدم حسب درويش ، وحسب أندريه ماكين حين نفقد شيئاً نبدأ بالعثور عليه بالكتابة، في رأيك هل نحن في مرحلة فقد القيم العليا والأشياء الحميمة كالوطن ؟ وهل هذا يفسر نشاطك الكتابي على المواقع الإلكترونية ؟ • • مشكلة كبيرة أن نفقد القيم العليا والوطن…. كفانا ما فقدناه من أمن وراحة بال وسلام، وكفانا ما فقدناه من شجر وناس وحجر وهدوء بال… تغيرت كل حياتنا وانقلبت رأساً على عقب. لكن الوطن مازال يكبر في قلوبنا، إننا نسعى ومن خلال الكلمة الصادقة لبناء وطن يتسع لنا جميعاً… نتشارك فيه الماء والهواء ولقمة الطعام… الحزن والفرح…. الأمل واليأس… الحب والجمال والأغنيات البسيطة. عملياً لست ناشطة في الكتابة على المواقع الإلكترونية وعلاقتي معها بدأت هذه السنة فقط وقد أدخلت السرور على روحي وصار بمقدوري أن أتواصل مع قراء وأدباء ونقاد يملؤون الفضاء ربما كانت بديلاً جيداً لتلك الأمسيات التي كانت تجمعنا في المنتديات الثقافية والتي ما عدنا نستطيع اللقاء بها ولا يعني هذا أننا نفتقد القيم العليا والأشياء الحميمة على العكس هي فرصة لقاء أدبي وإنساني بطريقة تختلف عما تعودناه… وأنا سعيدة بأن أَقرأ وأقرأ فهذا نوع آخر من التواصل متاح لنا في ظل مانحن فيه…. فهو آمن إذا لم تصبنا قذيفة ونحن نتحصن داخل منازلنا وقاب قوسين من الخوف والهلع، ولن أخفي سراً أن أقول إنني أُصاب أحيانا باضطرابات نفسية وتشنجات مرضية عندما أقرأ بعض ما يؤذي روحي وأحزن إذ أرى الوطن يدمر، أحاول من خلال كلمتي وبما أملك من حب لهذا الوطن ولناسه وشجره وحجره وطيره ومائه أن أقول إن هذا البلد يتسع لنا جميعاً… نحتاج يا أصدقائي كل طيبتكم وتسامحكم ومحبتكم وتعاليكم على أحقادكم كي نكبر بالبلد ويكبر فينا. نعم هي الكلمة تشعرني بالأمان في وقت عزّ فيه الأمان لكنني أكتب لأؤكد لنفسي أولاً أنني أستحق الحياة. • في العقود الماضية عاش الشعر غربة عن الناس واقتصر انتشاره على المثقفين، اليوم هل يتجدد الشعر وهل يخرج إلى العامة، أم أنه سيكبو متأثراً بالفوضى السياسية والاجتماعية ؟ • • ربما ستغلب على الشعر نفحته الحزينة وسيكبر الأسى والشجن في مفرداته….إن الفرح غائب تماما عن الشعر… وحده الألم يمدّ لسانه ساخراً ليس منا فقط بل من هذه البشاعات التي تغتال كل جمال ونقاء كنا نحرص على وجوده في حياتنا. أنتصر للشعر هل أنت في صدد تحضير ديوان جديد أم تفضلين الانتظار حتى تنقشع مفردات النار والخوف والتفرقة عن حياتنا اليومية؟ • • أخشى إذا بقينا حتى تنقشع مفردات النار والخوف والتفرقة من حياتنا أن تطول بنا الأيام ونحن عازفون عن الكتابة والنشر، أعني شخصياً في حال توافرت الظروف المادية والموضوعية سأنشر فلدي في أدراجي مجموعة من النصوص الوجدانية تحمل طابعاً قصصياً شعرياً أزعم أنها تستحق القراءة وفيها فسحة للروح… أتمنى أن تتاح لي فرصة نشرها وأن تصل إلى المهتمين.. وهذه أتركها للظروف والزمن. • هل سيكون ديوانك الجديد انتصاراً للطفولة أم للأنوثة؟ وبأي النوعين تفرح كلماتك أكثر؟ • • أحاول أن أقيم علاقة متوازنة بين كتاباتي فأنا أكتب الشعر للكبار والقصة للأطفال بوصفها عالماً مدهشاً يدخلهم في أجواء الحكاية وأجد أنهم يتفاعلون مع القصة ويحبون شخوصها ولكن حتى في قصتي الطفلية ستجدين عوالم الشعر أحاول أن أرتقي بكتابتي للأطفال كي تليق بأطفال يحلمون بغد أجمل وأنقى. في كتابتي للكبار أنتصر للأنوثة وتفرح كلماتي وينبت لي جناحان كلما أنجزت نصّاً ما حتى لو كان بضع كلمات أنثرها في فضاءات أعشقها وأحبها وأنتصر للشعر. قصة الطفل جناح والشعر جناح آخر وكلاهما يحملانني إلى عالم رائع أسمو فيه عن الأحقاد والصغائر وألوّن بالحبّ سواداً يوشك على اغتيال الألوان التي تضجّ بالحياة. من هنا من حمص من سورية أحبكم يا أبناء بلدي فتعالوا نمسك بأيدي بعضنا كي لا نتيه ونفقد بوصلتنا. حاورتها سوزان الصّعبي 2015-06-30 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet